لم أقتنع أبداً بالقراءة على الإنترنت. أقصد قراءة الكتب والقراءة المطولة الهادئة. لم أدرِ لماذا لكن لم أرتح لها أبداً ولم أستخدمها إلا للضرورة¡ حتى وقعت على كتاب اسمه المياه الضحلة للكاتب العلمي نيكولاس كار قدم تفسير ذلك الشعور الذي مر علي وعلى الكثيرين جداً غيري.
عشرات الدراسات من علماء النفس والمخ وخبراء التعليم ومصممي مواقع الإنترنت كلها تؤدي لنفس النتيجة: عندما نستخدم الإنترنت فإننا ندخل بيئة تشجع القراءة الخاطفة والتفكير المشتت المستعجل والتعليم السطحي. من الممكن التفكير بعمق أثناء تصفح الإنترنت¡ لكن ليس هذا هو النوع من التفكير الذي تشجعه التقنية وتكافئه. الإنترنت تقدم تحفيزات تفاعلية وإدمانية ومتكررة ومكثفة أظهر العلم أنها تسبب تغييرات كبيرة وسريعة في دوائر المخ ووظائفه.
باستثناء أبجدية اللغات ونظام الأرقام فإن الإنترنت أقوى تقنية مغيرة للمخ ظهرت حتى الآن. خلال اليوم فإن أكثرنا يقضي ما لا يقل عن ساعتين -وغالباً أكثر- عليها. في هذا الوقت نفعل نفس الحركات بتكرار¡ عادة بسرعة واستجابة لإشارات تعطيها لنا الشاشة. بعض هذه الحركات جسدية¡ مثل أن تضغط أزرار لوحة المفاتيح¡ تحرك الماوس¡ تضغط الزر الأيمن والأيسر¡ تدير العجلة¡ تستخدم الإبهام لكتابة الرسائل النصية¡ تغير وضعية الجوال بين الأفقية والعمودية¡ إلخ.
وهناك الإشارات الصوتية التي تأتي لآذاننا (وصول إيميل أو رسالة محادثة أو رنة جوال)¡ والإشارات البصرية¡ ليس فقط النص والصور والفيديو لكن أيضاً الروابط التي تظهر بين الأزرق والبنفسجي (حسب ضغطك عليها)¡ مؤشر الماوس الذي يغيّر شكله حسب وظيفته¡ رسالة إيميل جديدة مظلل بالخط العريض أي غير مقروء¡ الأيقونات وأشياء أخرى تستجديك أن تضغطها وتسحبها¡ نماذج تملؤها¡ نوافذ منبثقة تغلقها أو تقرؤها أو تتفاعل معها¡ و و و!
الإنترنت تشغِل كل حواسنا (عدا التذوق والشم.. حتى الآن على الأقل!)¡ تشغلها كلها في نفس الوقت¡ فمن الذي سيستطيع أن يقرأ كتاباً أو حتى مقالة طويلة بشكل هادئ مركّز في بيئة مضطربة ساخنة متقلبة كهذه¿




http://www.alriyadh.com/1832493]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]