مقالة اليوم تحاول أن تستخلص عدداً من الدروس القيادية من شعيب صاحب مدين في تعامله مع موسى عليه السلام¡ ومنها:
وضوح التواصل والذكاء العاطفي: حرص شعيب بعد الاستماع لقصة موسى مع ابنتيه أن يدعوه لمنزله ليستمع منه ويتواصل معه مباشرة. ونجد وضوح الدعوة في حديث البنت في قولها: (قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا). هذا الوضوح في سبب الدعوة شجع موسى على تلبيتها. وعندما التقاه نجد أن شعيباً استمع بكل إنصات للأحداث الطويلة التي حصلت لموسى كما في قوله تعالى: (فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ). وفي كلمات التطمين الأخيرة إشارة إلى الذكاء العاطفي لدى شعيب وقدرته على تهدئة روع موسى بعد هربه من بطش فرعون وهو الذي كان في أمسّ الحاجة لمثل هذا الدعم النفسي. ولك أن تقارن ذلك بالمديرين الفاشلين الذين لا يتقنون سوى لغة التهديد والترهيب والتحطيم النفسي لموظفيهم.
عدم التردد في اتخاذ القرارات الحاسمة: نجد أن شعيباً لم يتأخر أو يتردد في اتخاذ القرار بسرعة دعوة موسى ليجزيه عن صنيعه. ونفس الأمر في اتخاذه القرار بأن يعرض عليه الزواج من إحدى بنتيه مقابل العمل لديه لبضع سنوات. وهكذا القائد الناجح والذي يحرص على التفكير والمشورة ولكنه لا يتردد في اتخاذ القرارات الحازمة وتنفيذها بسرعة حسب الحاجة.
الشجاعة في طرح الآراء: عندما تتأمل في كلمات ابنة شعيب: (قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْه) تستشعر طبيعة العلاقة بين الأب وبناته وسماحه لهن في طرح آرائهن بكل شجاعة وأدب وأريحية. وهكذا حال القياديين الناجحين الذي يخلقون بيئة عمل مريحة لطرح الأفكار واختلاف وجهة النظر في إطار صحي مع مراعاة التزام الجميع بالقرارات وقت التنفيذ بعد اتخاذ القرار.
المرونة في التفاوض: عرض شعيب على موسى عليه السلام أن يزوجه إحدى ابنتيه على أن يعمل لديه ثماني سنوات مع إمكانية تمديدها لعشر سنوات. في الواقع يفتقد الكثير من المديرين للمرونة سواء في التعامل مع موظفيهم أو المفاوضات مع الجهات الخارجية مما يتسبب بخسائر كبيرة لمنظماتهم.
إنسانية التعامل: لم يحاول شعيب أن يستغل صعوبة الموقف الذي كان يمر به موسى عليه السلام وهربه من بطش فرعون وكونه لاجئاً بلا وطن ولا مأوى بل قدم له عرضه مع المرونة في عدد السنوات مع التأكيد بقوله:(وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْك). ويظن البعض أن بسط النفوذ واستغلال ظروف الآخرين نوع من الذكاء بينما الحقيقة أن إنسانية التعامل والاحترام للآخرين يفضي لنتائج أفضل وهو ما حصل مع موسى عليه السلام والذي أتم السنوات العشر من عنده دون أن تكون مفروضة عليه.
ويبقى الدرس القيادي الأهم من ابنة شعيب في قولها: (إِنَّ خَيْرَ مَنْ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِين).




http://www.alriyadh.com/1841547]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]