كانت التطلعات والمناداة بتمكين المرأة تتجاوز في كونها مجرّد ترفٍ مجتمعي إلى اعتبار أن اكتمال سير عجلة التنمية في أي مجتمع لا يكون من خلال الاقتصار على جنس دون آخر¡ وخلال التغييرات الفكر مجتمعية والجوهرية التي تتناول البنية التحتية لمجتمع المرأة بكل مكوناته المادية المعاصرة والموروثة.**
عليه¡ ليس من باب المبالغة احتفاء بخبر تعيين**100 امرأة من المؤهلات شرعياً وقانونياً في وظيفة كاتب عدل**للتسهيل على المستفيدات من الخدمات التوثيقية¡ والتوسع بتمكين المرأة في المرفق العدلي¡ بعد قيام وزارة العدل مؤخراً بتعيين العديد من النساء المؤهلات في مجالات القانون¡ والشريعة¡ والاجتماع¡ والإدارة¡ والتقنية¡ في الوزارة للمرة الأولى¡ ورغم ما سبقه من قرارات تمكينية¡ ومواقع قيادية ودبلوماسية رفيعة المستوى في مختلف المجالات¡ والمؤسسات¡ والقطاعات¡ قد حازت عليها المرأة السعودية في هذا العهد الزاهر¡ إلا أن قرار تعيين 100 امرأة ككاتبة عدل يعد**قراراً فارقاً¡ خاصة في سياق تطور المنظومة العدلية¡ وكيان القضاء السعودي بصورة خاصة¡ وفي فكر البنية التحتية المجتمعية بصورة عامة¡ والتي ظلت ردحاً من الزمن لا تتنفس إلا برئة واحدة بحكم الموروثات الثقافية¡ والمفاهيم الزائفة المغروسة في المجتمع حول المرأة¡**والتي أرى أن نوعية هذا القرار ستنسحب على إعادة النظر بصورة أوسع¡ ومراجعة لتلك المفاهيم المجمدة والشالة لحركة المرأة ورسبتها لدى فكر بعض النساء خاصة¡ وإيمانها بذاتها وقدرتها المتساوية مع شقيقها ومواطنها الرجل¡ وبالتالي حرمت عملية التنمية الشاملة بمفهومها الكلي من كثير من الكفاءات التي توارت لجنسها فحسب وردحاً من الزمن.**
وفي زمن مضى كان هناك من ينادون ويدعمون أو يعارضون مطالبات تمكين وطموحات المرأة في مجتمعنا بالموافقة بين إمكاناتها وقدراتها الحقيقية والفردية¡ وبين الحقوق المقرة شرعاً والمرفوضة اجتماعياً¡ ومثل هذا القرار النوعي وفي الكيان العدلي والمنظومة القضائية بالذات التي ظلت طيلة كل تلك السنين مقصورة على الرجال¡ سيساهم مثل هذا القرار في تصحيح المفاهيم المغلوطة أو المزيفة¡ والتي أضحت أحكاماً قاطعة¡ ولها من القداسة ما يحصر تعليم وعمل المرأة في قطاعات دون أخرى¡ ومواقع تنفيذية دون قيادية¡ على اعتبار أنها تتناسب وطبيعة ما تقره تلك المفاهيم للمرأة من أدوار ليست -في الحقيقة- سوى عملية تعيد إنتاج نفسها من خلالها¡ ضمن أطر ثقافة المجتمع المشرّع والفارض عليها هذا الإطار.
هذا القرار المهم¡ والذي يشكل نقطة تحول في خارطة التمكين للمرأة السعودية¡ يأتي في وقت والمجتمع النسائي السعودي يشهد تحولات كبيرة على صعيد التمكين الحقيقي والفعلي والسريع للمرأة في مختلف المجالات¡ التي ينبغي -الآن- لكل مواطنة أن تعيها بكل أحاسيسها وأفعالها¡ وعدم ركون طموحها وسعيها لمواقع وظيفية تنفيذية في القطاعين العام والخاص¡ أو الاكتفاء بسقف الأدوار والوظائف السائدة والنمطية.




http://www.alriyadh.com/1851376]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]