شهدت الأيام القريبة الماضية هجرة رقمية غير مسبوقة لمستخدمي تطبيق المحادثات والمراسلة (واتساب)¡ والذي يتربع عالمياً على قائمة أكثر التطبيقات استخداماً في التواصل على المستويين الرسمي والشعبي¡ حيث ذكرت شركة واتساب أن نية تعديل شروط استخدام التطبيق لا تهدف إلى تعزيز مشاركة بيانات المستخدمين مع الشركة الأم (فيسبوك) بقدر ما تهدف لمساعدة الشركات على تحسين التواصل مع الزبائن من خلال منصة واتساب بالنسبة لحسابات الأعمالº هذا التعديل في سياسة الاستخدام لتطبيق واتساب والذي كان مقرراً بداية من شهر (فبراير) المقبل أثار نوعاً من اللبس والجدل بشأن سرية البيانات الشخصية وخصوصية المحادثات وترتب عليه اعتراض كثير من المستخدمين والهيئات والحكومات¡ وبالتالي استفادت منه تطبيقات أخرى مثل تطبيق (تلغرام) و(سيغنال) جراء زحف عدد هائل من المستخدمين لها باعتبارها تحقق قدراً أكثر من الأمان والسرية للمعلومات وبيانات المستخدمين¡ وهو ما دعا شركة واتساب إلى إعلان تأجيل التغيير في سياسة الاستخدام لمدة ثلاثة أشهر كي يتم توضيح وفهم المغزى من هذا التعديل ومعطياته للمستخدمين والتأكيد على عدم تأثيره على ما تتمتع به المحادثات والمراسلات على منصة واتساب من تشفير من طرف إلى الطرف الآخر.
ما يهمنا في هذا المقام هو غياب الحماية القانونية للبيانات الشخصية وهو ما سبق لي نقاشه في مقال بعنوان «تصدير وتداول بياناتنا الشخصية في العصر الرقمي» ونشر في هذه الجريدة الموقرة بتاريخ (29 /10 / 2016م)¡ حيث مازالت منظومتنا التشريعية تفتقد إلى وجود إطار وطني قانوني خاص يفصح عن أحكام حماية البيانات الشخصية ويستجيب في مقتضياته مع ما فرضه العصر الرقمي من متطلبات الانفتاح وسهولة في تناقل وتصدير البيانات الشخصية عبر الحدود باعتباره أحد محددات الأمن الوطني الذي يجب إدراك تبعاته ومخاطره الأمنية والقانونية والتقنية نتيجة هذا الفراغ التشريعي المهمº كذلك أنه من المؤسف أن تفتقد المنظومة التشريعية الإقليمية سواء على مستوى مجلس التعاون الخليجي أو الجامعة العربية لأداة قانونية تعكس مدى متانة وحدة هذين الكيانين الإقليميين في الاستراتيجيات والسياسات¡ وذلك لأنه يضع الدول الأعضاء فيها في موضع أفضل في مواجهة تحكم أخطبوط شركات التكنولوجيا بشأن سياسات الاستخدامº ونستشهد في ذلك بما قامت به شركة واتساب من استثناء المواطنين والمقيمين في دول الاتحاد الأوروبي من الخضوع للتغيير المزمع تعديله في سياسة استخدام التطبيق¡ وذلك لوجود «النظام الأوروبي العام لحماية البيانات» لعام (2016م) والمعروف اختصاراً بـ(GDPR)¡ وهو قانون يختص بالبيانات والخصوصية لجميع الأفراد داخل الاتحاد الأوروبي¡ ويتعلق أيضاً بتصدير البيانات الشخصية خارج الاتحاد الأوروبي¡ ولكنه يهدف في المقام الأول لإعطاء المستخدم القدرة على التحكم والسيطرة على بياناتهم الشخصية.




http://www.alriyadh.com/1864826]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]