"إن كل العائلات السعيدة تتشابه¡ لكن كل أسرة غير سعيدة تكون غير سعيدة بطريقتها" أنّا كارنينا.
نقضي الكثير من السنوات ونحن نحلم بالكمال والإيجابية¡ ننظر للآخرين ونتمنى أن نكون نشيطين ويقظين كما هم¡ ننظر لسلبياتنا وكأنها عيوب خَلقية لا يمكن الفكاك منها أو تجاوزها¡ ونعجز عن احتوائها أو التعايش معها¡ نبذل الكثير من الجهد ونحن نركز بسلبياتنا¡ والكثير الكثير من الألم النفسي¡ ليس هناك ضير من معرفة سلبياتنا وعيوبنا¡ فالمتعارف عليه بيننا نحن البشر أن سلبياتنا هي هزيمة لنا¡ وبالتالي يتم خداعنا ولا يمكننا اكتشاف إمكانياتنا وقدراتنا في خضم فوضاها¡ وهذا يدفعني إلى الإيمان "باستغلال سلبياتنا" هي ليست فكرة فارغة بلهاء¡ بل لها أبعاد نفسية اجتماعية¡ فقد تعودنا على تبرير إخفاقاتنا لأننا سلبيون أكثر من اللازم في حياتنا¡ ولكن بمجرد أن تستغل سلبياتك ستتحسن نظرتك للحياة وستكون عنصراً فاعلاً ونشطاً تخدم نفسك ومن حولك¡ فمشكلتنا أننا ننظر لأنفسنا من خلال معايير الآخرين "والآخرون هم الجحيم" كما يقول نيتشه.
قرأت ذات مرة أن الفنان الأسباني "سلفادور دالي" كان يعمل لأيام دون نوم ثم ينام لأيام أو حتى أسابيع¡ كان أحياناً منتجاً وأحياناً أخرى كان يبيت بياتاً شتوياً فقط ولا يفعل شيئاً¡ ولو أخضعنا "دالي" إلى معايير المجتمع وطلبنا الحكم عليه من خلال سلوكه سيقول البعض إن طريقته في التعامل مع نفسه فاشلة¡ وسيتساءل كيف ينتج وهو لا يستغل وقته جيداً¡ ولكن الحقيقة أن دالي كان متفهماً لنفسه جيداً وعندما تدق لحظات الإبداع يبدأ بالعمل في الوقت الذي تشتهيه نفسه دون وضع أي اعتبارات¡ فهو يفهم نفسه ويفهم متى يحتاج أن يعمل ومتى يحتاج أن يرتاح¡ فلن تكون نفسك وأنت تستمع لنقد الآخرين وحكمهم عليك¡ الآخرون ليسوا أنت لذلك لن يتفهموا دوافعك النفسية¡ أيضاً هناك خلط بين مفهوم عدم استغلال قدراتنا الاستغلال الأمثل والفشل¡ فاستغلال قدراتنا يكون على حسب الأهمية لنا¡ وهذا موضوع آخر قد أتطرق له في مقالة لاحقة¡ ولكني أؤكد على أنه لابد أن تفعل ما تستطيع فعله دون اهتمام بما يستطيع الآخرون عمله. كن مستقلاً وكن نفسك¡ وتجاوز سلبياتك باحتوائها وتأكد أنك لن تتذوق مرارة الفشل.




إضغط هنا لقراءة المزيد...