قرأتُ قولا عن العادات الغذائية ملخصه أن الفلفل على درجات من الحراة¡ ويؤخذ حسب الذوق. ويُختتم المقال بعبارة تقول: من حسن حظ الفلفل أن غرام الكثيرين بمذاقه الحار لا يبدو أنه يقضي على وجوده أو انتشاره.
وهذا صحيح فقد قامت تجارة الشرق مع الغرب في بداياتها على التوابل. والغربيون لا يداومون على جعل وجباتهم حاوية على المادة في كل الأوقات¡ لأسباب كثيرة مختلفة بين منزل وآخر.
منذ العصور القديمة¡ والفلفل الأسود هو واحد من التوابل الأكثر تداولا على نطاق واسع في العالم¡ وهو متاح على مدار السنة.
قد يستغرب المرء في هذا العصر أن حروبا وغزوات وقعت بين أُمم في العالم في زمن مضى من أجل التوابل (البهارات) وكانت التوابل السبب الرئيس في خصام سياسي¡ ومن المعروف أن التوابل لا تنمو إلا ضمن المناطق الحارة والقريبة من خط الاستواء جغرافيا. وكانت لا تصل إلى أوروبا إلا من خلال آسيا الصغرى¡ وتصلهم بأسعار عالية. حتى وصلت قيمة الفلفل الأسود إلى ما يُعادل قيمة الذهب في روما.
ولهذا بدأ الأوربيون بالتفكير جِديا في البحث عن الطرُق والوسائل الجيدة للوصول إلى الموطن الأصلي للتوابل والمراكز التجارية الرئيسية لها.
وسارت الصناعات شوطا لإغراء المستهلك فيما هو خارج المعدة والجهاز الهضمي. جاءتنا بمنتج يدخل في الهاجس الأمني لإحساسنا¡ وهو ما سمّوهُ "رذاذ الفلفل"¡ الذي يُستخدم لردع المهاجمين وإصابتهم بالعمى المؤقت في بعض الأحيان. وهو رشاش يطلق رذاذا مسيلا للدموع يسبب الألم وتساقط الدموع والعمى المؤقت. يستخدم هذا الرذاذ في ضبط النظام والسيطرة على أعمال الشغب والحشود الكبيرة. كما يستخدم أيضاً في الدفاع عن النفس ضد الاعتداءات سواء من البشر أو الضواري. يعتبر الفلفل من الأسلحة غير الفتاكة (المميتة) فقط تُسبب في تشويش الرؤية عن المتهم مما يسهل على الشرطة القبض عليه.
وأحد معارفي طبيب جيّد في الباطنية¡ وفي "البلوت!". كان ذات مرة منشغلا في اللعبة وطلب منهُ أحد الحضور من غير اللاعبين نصيحة في علاج حرقة المعدة بعد أكلة فيها فلفل. قال الطبيب: بعدين أقول لك. وانتظر السائل المتطلع إلى علاج دوائي¡ لكن الطبيب عندما انتهى من اللعب قال له: بسيطة. فزاد تطلّع السائل إلى ما سيتبع. قال الطبيب: لا تاكل وجبة فيها فلفل.




إضغط هنا لقراءة المزيد...