الاستدارة الذاتية لأذني القط لأكثر من تسعين درجة¡ هي انعكاس دفاعي. فهو من الحيوانات القليلة التي تصطاد بمفردها¡ وليس كبقية الحيوانات المفترسة كالذئاب مثلا¡ لذا فهو يحتاج إلى التنبيه الذاتي أكثر من غيره.
وأثناء إجراء الفحص لأحد الشباب المتقدمين للبحرية الأميركية سألوه: هل تسمع في بعض الأحيان أصواتا لا تعرف أين مصدرها¿ فأجاب بالإيجاب.
استدعوا مختصا بالسمع فسأل الشاب: ومتى يحدث ذلك لك¿ أي متى تسمع تلك الأصوات عادة. فأجابهم الشاب: ذلك يحدث عندما أتحدّث بالهاتف..! فضحك الجميع وذهب اجتماعهم سُدى. وحقيقة أن ذاك الشاب البسيط أجابهم عما سألوه.. ولم يكن مازحا.
عند معظم البشر في عصرنا الحالي لم تعُد حاسة السمع وسيلة دفاع ولا وسيلة هجوم¡ فقد أصبحت وسيلة كسب¡ ووسيلة تسلية أيضا. ولو استطاع إنسان العصر أن يُحرّك أذنيه 360 درجة (مثل الدش) لفعل دون تردد!
وقد بدأت محاولاتنا ونحن صغار في تطبيق نظريات لا ندري من أين جاءت لنا¡ ولا كيف اكتسبنا تقنيتها. وهي محاولة نقل الصوت بواسطة خيط ناعم من القطن يمتد بين علبتين¡ ويكون الصوت أقوى وأدق لو كان وجه العلبة المربوط بها الخيط مرقوعا بجلد حيوان¡ ويُفضل أن يكون الجلد من جزء ناعم من جلد الحيوان¡ مثل جلد إلية الخروف.
لم يكن ثمة كتُب توضيحية لتقول لنا اعمل هذا أو اربط ذاك كما هي الحال عليها اليوم حيث تأتي الكاتالوجات تقول لك تعليمات بديهية جدا. أو لا وجود للحاجة إليها مثل توضيح يقول: هذا القلم يعمل تحت ضغط الماء حتى عمق ثلاثين مترا!
وعملية اجتهاداتنا لنقل الصوت عن بعد¡ كما يقول أهل الفيزياء المعاصرون إنها مبنية على الاهتزازات التي تُمثّل نبرات الصوت.
وكنا نعتبر الممارسة تلك غاية المتعة. وأعتقد أن الشوق وتبادل المعلومات والأخذ والعطاء هي نسيج من أنسجة خلايا الجسم البشري. فكان الجيران يتخاطبون بوضوح صوتي جيّد بين اسطح منازلهم¡ أو عبر نوافذ متقابلة. وكنا نسميها "تلفون الجامعة" وهو اسم عامي لجلد إلية الخروف. وليس للمفردة صلة بالتعليم¡ وربما أنها أخذت الوصف من تجمّع الدهون.
العمل البدائي الذي كنا نُمارسه هو في رأي الكثير أساس التخاطب عن بعد. استعمل البشر لاحقا الأسلاك المدعومة بالنبض الكهربائي¡ ثم جاء استعمال موجات الأثير للربط بين النهايات¡ كما هي الحال مع الهاتف النقال.




إضغط هنا لقراءة المزيد...