تقول الأخبار إن جهازا جديدا اخترعته إحدى الشركات قادر على تكثيف الهواء وتحويله إلى ماء بكميات كبيرة.. لا شك أن صاحبي الذي كان اقترح شحن جبال الثلج من القطب الشمالي إلى أوديتنا يحك رأسه الآن!!
هذا الاختراع الجديد إذا صدق "أبو الهش" الذي بشر بهº سيحيل صحراءنا إلى أنهار.. وسيغنينا عن آلاف الليترات من جوالين الماء¡ وعن مراقبة نسبة الصوديوم فيها¡ وعن مقاطع الواتساب المكررة التي تحذر من مصانع المياه المحلية وتنصح بشرب الفرنسية¡ حيث إن هذا الجهاز ببساطة عبارة عن: "تقنية متقدمة جدا جنبا إلى جنب مع مكثفات متطورة لاستخلاص أكبر كمية من الرطوبة الموجودة في الغلاف الجوي وتحويلها إلى ماء صالح للشرب"¡ ولم يأت المقطع المنتشر على مسألة كم يستهلك هذا الجهاز من الوقود¿
ولا شك أن مزارعي القمح هم أسعد الناس بهذا الجهازº خصوصا أولئك المقترضين الذين يطاردهم البنك الزراعي بمئات الأقساط المتعثرة بسبب توقف الحكومة عن شراء محصولهم الوحيد ومن ثم توقفهم عن زراعته وتراكم الأقساط عليهم!!
الذي حدث أنه عندما استشعرنا قرب "نضوب المياه الجوفية" اتجهنا إلى المزارع المغلوب على أمره¡ وتركنا دعم المقترحات والحلول التي لا تقتل الذئب ولا تفني الغنم.. ووجهنا الدعم إلى مؤتمرات التنظير وندوات اللطم وتذاكر الضيوف ومصاريف سكنهم.. بدلاً من دعم بحوث علمية أو مراكز بحث تبحث بدائل ولا تحيل المشكلة إلى مشاكل.
لذلك نجد أنفسنا مرة أخرى مدينين لهذا الغرب الذي ما فتئ يقدم لنا الحلول تلو الحلول لمشاكلنا التي لا تنتهي.. من يصدق أننا كنا على وشك الإفلاس مائياً ثم فجأة سنصبح من أغنى الدول في المياه¡ وربما يبعث الله لنا من يحيل شمسنا الحارقة إلى مصدر طاقة رخيص يغنينا عن البترول ثم لا يكون للإفلاس مدخل علينا.. وتعود البدلات والعلاوات أضعاف ما كانت عليه¡ بل ربما يكون لا حاجة لها فلا مصاريف بنزين ولا فواتير ماء ولا كهرباء ندفعها.. كلها من الهواء والشمس!!
ببساطة هذا هو "المفتاح السحري" لكل المشاكلº الاستثمار في العلوم التطبيقية.. العلوم التي تصنع الحلول الخارجة عن السياق التقليدي الذي لا ينتج إلا الأفكار البدائية والحلول البليدة التي لا تلغي المشاكل بل تواريها تحت السجاد!!
هذه المحاضن العلمية العالمية والمعامل التي تنتج مثل هذه الأفكار وتبتكر الحلول الخارجة عن السياق التقليدي هي التي يجب أن تتوجه إليها استثماراتنا وبعثاتنا¡ وأن يكون تنويع مصادر الدخل عبر التمويل والمشاركة وابتعاث العلماء السعوديين إليها لنصبح شركاء حقيقيين وليس مجرد طفيليات على ما يخترعه الغرب من حلول لمشاكلنا.




إضغط هنا لقراءة المزيد...