رأت جماعة الإخوان المسلمون حين تداخلت مع المجتمع أن تتجنب المناوشة مع الرؤية السياسية العقدية أو الظهور بالندية واقتصرت على التمدد في الصعيدين العلمي والخيري ولحجم المظهر التنظيمي والحركي أو قولبة الإخوان السعوديين في الفضاء الإخواني العام
تواءم الإخوان مع الموقف الشرعي واضعين أنظارهم على المؤسسات الخيرية والإغاثية ذات الطابع الإسلامي العالمي وصار هناك نوع من الوفاق والتفاهم المتبادل غير المعلن لم يدم الوضع على هذا الحال¡ وذلك عندما وضعت الدولة أصبعها على أكثر من تجاوز
إلا أن للإخوان قدرة عالية على المناورة والحيل المرحلية والتشكل في عدة واجهات¡ وبصورة ما استطاع محمد سرور بن نايف زين العابدين زعيم ما يعرف بالتيار السروري أن يعيد المشهد من جديد.
غادر سوريا بعد نكبة الإخوان في الستينيات واستقبلته مدينة حائل ومنها انتقل بعد عام إلى مدينة بريدة وفي معهد بريدة العلمي حيث شغل أستاذاً وتربوياً تعاظم أثره يوماً بعد يوم محاولاً أن يؤقلم المعهد على أفكاره رغم أن تركيبة المعهد لم تكن مهيأة لهذا الفكر الجديد إلا أنه استطاع أن يجتذب إلى حركته الفكرية بعض من انجذب إليه من الطلاب والذين أصبحوا فيما بعد أثرًا من آثاره غادر بريدة بعد أن وضع نواة مشروعه إلى الأحساء ومنها إلى الكويت التي غادرها إلى بريطانيا وفي بيرمنجهام أسس مركز الدراسات الإستراتيجية ومنها إلى الأردن ثم قطر حيث توفي قبل أسبوع¡ هذا هو الجو العام الذي تصاعد فيه الخط البياني للشيخ محمد سرور حيث إن كل هذه المتغيرات لعبت في يده قرأ خارطة المجتمع وأقام موازنة ما بين النص السلفي والفكر الحركي مستخدماً مهارته في وضع الدعوة الإصلاحية في الواجهة ليمرر مشروعه الفكري¡ هذا هو الوجه الأول فقد كان ذا حس فطن إذ لم يتوقف عند مجرد حلقات الدعوة وإنما وضع أنظاره على المؤسسات الخيرية والتعليمية والهيئات الإغاثية والمناهج ومجالات التثقيف الشرعي وجماعة التوعية الإسلامية في المدارس العامة¡ عندما يتحدث محمد سرور عن حركته الدينية فإنه يتحدث عن الجانب القيمي حيث يركّز على التأثير في وعي المجتمع واستقطاب الشرائح الفكرية وهذا بالضبط هو ما يريده حركة فكرية دعوية واسعة لها لسانها الإعلامي وتعاليمها وعلاقاتها التي بها تمارس نفوذها في المجتمع ولكن هنالك وجهاً آخر وهو أن جو الانفتاح الجديد الذي شهدته السنوات الأخيرة أتاح الفرصة للسرورية الدخول في القضايا الاجتماعية والسياسية والدينية حيث تلتف حول هذه القضايا الطبقة الوسطى من المجتمع.
ومحمد سرور لا يصرح بأفكاره الحقيقية ولكن هذه الأفكار تأخذ شكل مواقف طالما أنه اختار العمل العام.
قبل سنوات ظهر محمد سرور في برنامج حوار على شبكة الحوار الذي يستضيفه د.عزام التميمي معلناً حقائق عن حركته الدينية قائلاً بأنه أمضى ثماني سنوات في المملكة العربية السعودية وأسس حركة فكرية هي اليوم من أوسع الحركات الفكرية في العالم الإسلامي.
الفكر السروري اليوم يواجه أزمة في علاقاته مع بعض التيارات الأخرى فهو ليس على رؤية فكرية واضحة لأي قضية أو مشروع فكري¡ وإن دوره اقتصر على المعارضة الفكرية لكل ما يعتقد أنه لاينسجم مع أطروحاته دون أن يقدم رؤية واضحة لما يعتقده.
وبرغم أنه وقت الأزمات يحاول أن يفرض نفسه لأنه يفتقر إلى المنهجية الواضحة¡ والآن تشظى التيار السروري ولم يعد له حضوره الواسع الذي كان عليه أيام حرب الخليج الثانية وصار مجرد مشاريع دعوية فردية بعضها إانشغل بصناعة الاتباع وتحقيق وتأكيد الذات والبعض الآخر سلك المناهج العلمية الدعوية الصحيحة.




إضغط هنا لقراءة المزيد...