القوة الناعمة تؤصل لعلاقة متميزة بين السعودية والإمارات¡ وحققت الكثير من الأهداف بأقل التكاليف¡ محققة التكامل مع ما يقوم به السياسي في البلدين ومن يستقرئ المشهد في زيارة خادم الحرمين الشريفين للشقيقة الإمارات هذه الأيام يلمس ذلك بوضوح.
التاريخ يشهد بقوة هذه العلاقة¡ وأيضا عاصفة الحزم كشفت أكثر عن وحدة الرؤية والمصير¡ والشواهد على مر التاريخ كثيرة¡ جميعها تأتي في مصب عمق العلاقة على المستوى الرسمي.
ولكن اليوم المشهد متميز في كثير من تفاصيله¡ فقد أثبت الإعلام الفضائي ووسائل التواصل الاجتماعي والبرامج السياحية أنها أبرز القوى الناعمة لزيادة متانة العلاقة بين الشعبين بشكل فاق المتوقع¡ حين يحضر جمهور كرة القدم في استاذ الجوهرة في جدة الميناء البحري السعودي وتجد الجمهور السعودي يهتف بقوة للفريقين ومستعد لقبول فوز أي فريق ومن الطبيعي أن يفرح لفوز منتخب بلاده¡ ولكن تعامله مع الفريق الإماراتي منذ دخوله الملعب وحتى خروجه يكشف عاطفة قوية تجاه هذا الشعب¡ أيضا هنا كان للإعلام حضوره الواضح في تكريس ذلك الحب بين الشعبين من خلال طرح رياضي يؤكد أن فرحة الفوز ستكون حاضرة أيا كان الفائز.. لم تكن هناك توجيهات أو رسائل للروح الرياضية¡ بل كانت الروح الرياضية حاضرة بطريقة تؤكد أن تأصيل الحب بين المجتمعات ليس عسيرا¡ بل بمتناول من يدرك قيمة ورسالة المحتوى الإعلامي والثقافي بكل أنواعه.
في اليوم الوطني السعودي تداخل الإعلام مع الفن الإماراتي والسعودي فكان امتزاجا يتدفق فيه الحب بين الشعبين لدرجة أن المواطن هنا وهناك توشح بلون العلم الوطني للبلدين في احتفالية اليوم الوطني السعودي ومرة أخرى في احتفالية اليوم الوطني الإماراتي.
في إطار ذلك يأتي تدفق السياح السعوديين للإمارات العربية وخاصة دبي في سياق منتجات القوة الناعمة بتوفير الخدمات للسياح واقتناص إجازاتنا الرسمية بفعاليات تناسب ذائقة الأسرة السعودية عموما والشباب على وجه الخصوص باعتبارهم كيانا مستقلا له احتياجات خاصة¡ والتي نتج عنها عمق في العلاقات مع تدفق مليارات الريالات من الرياض لدبي بحثا عن الترفيه ومساحة حراك تناسب أجيال اليوم.
اللافت للانتباه أن تكتل تلك القوى الناعمة والمؤثرة يأتي من فضاء دبي ويطرح ثماره في وجدان أبناء الرياض¡ حين يقف فنان سعودي أو إماراتي أمام علم سعودي إماراتي متداخل في نسق يؤكد أن الحب والتلاحم بات أهزوجة يترنم بها المواطن هنا وهناك مستبقا محمد عبده أو حسين الجسمي¡ مؤكدا أن صناعة القوة اليوم ليست في المؤسسات العسكرية فقط.
ذلك النجاح يجعلني أبحث عن توظيف القوى الناعمة في تفكيك الاختلافات الفكرية والطائفية والعنصرية الاجتماعية في المشهد المحلي بحيث نصل لانغماس مجتمعي متداخل مع بعضه دون نتوءات تشوهه.
توظيف الثقافة والفن وكافة أشكال المحتوى الإعلامي والثقافي والترفيهي يمكنها أن تكون قوة عالية التأثير في بناء اتجاهات جديدة وتوجيه الحراك الاجتماعي والثقافي والتحديات الفكرية والاجتماعية¡ من خلال مجموعة برامج تناسب المتلقي وتتعامل معه باعتبار أنه يملك عقلا متدبرا وليس مجرد عقل متلقٍ يمكن تحريكه ضمن طاولة شطرنج.




إضغط هنا لقراءة المزيد...