مثلما قدمت وجهة نظري لتأمين كم وظيفة للسعوديين في مقالي يوم الخميس المنصرم يمكن الآن أن أمد صوتي ليشمل الابتعاث أيضا.
دون حجج وشروحات أقول¡ كما يقول المؤمن¡ إن أهم بند للتقدم في أي بلد في العالم هو التعليم¡ وأهم بند في التعليم هو الابتعاث¡ دون برامج ابتعاث موسعة ومدروسة لا يمكن أن يحصل أي تقدم.. كل البرامج والخطط والمشروعات الأساسية في المملكة ثمرة الشباب الذين تم ابتعاثهم في الأزمنة المختلفة¡ وكل تأخر أصاب المملكة جاء نتيجة إلغاء الابتعاث أو تباطئه.. رغم أن الصين ثاني أكبر دولة اقتصاديا ومن الدول النووية الكبرى وامتلكت كل أسباب الصناعة والابتكار مازالت تبتعث إلى جميع دول العالم.. تعتبر الأولى في الابتعاث إلى الولايات المتحدة.. ينافسها على هذا كوريا الجنوبية والهند والمملكة طبعا..
أولى مشاكل الابتعاث وأهمها أن تحول إلى شكل من أشكال الرفاهية والسياحة¡ يتقاضى الطلبة رواتب عالية¡ وتسدد جميع تكاليف الدراسة¡ وتذاكر سفر كل تسعة أشهر¡ ومحام يتصدى لأي قضية يتورط فيها الطالب¡ وتأمين طبي شامل (بما فيها الأسنان والعيون والأدوية وبإمكانك أن تحصل على نظارة أو نظارتين وجزمة أو جزمتين سنويا).. هذا المستوى من الرفاهية جعل الابتعاث مطلبا غير علمي وشجع غير الجادين. بعضهم يمطط بقاءه في دولة الابتعاث لأن راتب الابتعاث أفضل من راتبه إذا عاد إلى الوطن¡ ناهيك عن التسهيلات الأخرى. إخلاء الطالب من المسؤولية تماما لا يمكن أن يسمى ابتعاثا.. يمكن في أفضل الأحوال نسميه سياحة تعليمية.
ثمة قاعدة واحدة يجب أن تقف عليها فلسفة الابتعاث (الطالب الجاد). يجب أن يكون الطالب حصل على درجات معينة في اختبارات الثانوية واختبار القياس ويجب أن يعرف والده أو هو أنه محاسب.. سيسأل عن تكاليف الابتعاث إذا أخفق.. لا تقدم الدولة ريالا واحدا للمبتعث على الفور.. مصاريف الابتعاث ستصله في صورة قرض طويل المدى يسدده بعد التخرج أو تسدده عنه الدولة حسب النتيجة.. تطرح البنوك منتجات بنكية بضمان الدولة لكل من يرغب في الابتعاث.. الشيء المهم والنقطة الجوهرية هي اللغة¡ يجب أن يتقن الطالب اللغة الإنجليزية قبل أن ينضم للبعثة.. اختبارات اللغة الإنجليزية على وجه الخصوص متوفرة في كل مكان في العالم بما فيها المملكة¡ مصاريف اللغة الإنجليزية يجب أن تسقط من مصاريف الابتعاث نهائيا¡ أو في أحسن الأحوال تحول إلى مكافأة.. بعد التخرج والعودة ظافرا بالشهادة الجامعية متفوقا تعوضه الدولة¡ يجب أن يذهب الطالب لدولة الابتعاث وهو مستعد لدخول الجامعة¡ ما يجلس يتمشى سنتين في دولة الابتعاث (إن لقحت وإلا ما ضرها الجمل).. (مع مراعاة اللغات الأخرى مثل اليابانية أو الصينية) يكون لها برنامج آخر.
بعد دخوله الجامعة يجب أن تحسب مصاريفه على أدائه الأكاديمي¡ السنة التي ينجح فيها تكون على حساب الدولة والسنة التي يخفق فيها تكون على حسابه أو حساب والده¡ وله أن يبقى في الدراسة ما شاء له البقاء¡ في النهاية إذا عاد فاشلا فالدولة لن تخسر ريالا واحدا. سيتوجب عليه أن يسدد كل التكاليف للبنك.
عندما يصبح الابتعاث مسؤولية سنحصل على خريج يعرف معنى المسؤولية¡ عندئذ يحق له أن يكون من قيادات بلاده.




إضغط هنا لقراءة المزيد...