أرى نوعا من السيارات¡ تنقل الأطفال وهي غير مخصصة ولا مُهيأة مصنعيا لهذا الغرض. نحن في عصر رأينا وسائل السلامة لا تهم المصنّع. لكن وسائل مواصلات تمشي في شوارعنا صُنعت لغرض وتُستعمل لغرض مخالف¡ وربما بعيد عن ما هُيأت له.
مركبات أراها هنا وهناك تمتلئ بالصغار¡ قد اشتراها السائق أو المستثمر من شركة كانت تنقل عمالا وبالغين يعرفون المخاطر جيدا. ولا أرى نظاما مروريا يجعل نقل الصغار مصرحا به فقط لمن جاؤوا بمركبات لها مواصفات نقل الصغار. هذا من حيث الاطمئنان وأيضا لتجعل مسؤولي الحركة المرورية والمركبات الأخرى في الطريق يعرفون من الشكل أن المركبة تحمل أطفالا.
المايكروباص بأشكالها المختلفة قد تكون صُنعت للنقل في قرى صغيرة¡ أو في تجمعات بشرية لا يزيد فيها عرض أكبر شارع على عشرة أمتار. لكنها حتما لم تُهيأ لنقل صغار في شوارع كبيرة وطرق سريعة كما هي الحال في مدينة كالرياض.
وأريد هنا أن أقول إن ما يحصل من تجاهل جهات الضبط والمرور لمسؤولية التحقق من نوع المركبة التي تملكها المؤسسة التعليمية وتستعملها لنقل فلذات الأكباد الذين لا تتجاوز أعمارهم السابعة أو الثامنة.
لا أحد يفحص مقاييس السلامة والأمان في البيئة التعليمية ولا بوسائل النقل المستعملة.
ذكرني هذا الوضع قولا قديما كان الأب يقوله للمدرسة التي تستقبل الطفل الجديد. يقول الأب: "لكم اللحم ولنا العظم". أي بما معناه اقبلوا ابني واعملوا به ما شئتم. وكان هذا منتهى السخف ومنافاة العقل.
في زمننا هذا يدفع الأهل رسم نقل ليتخلّص من مسؤولية التوصيل والإحضار¡ وهو لا يعرف القوة الاعتمادية للمركبة¡ ولا مثالية الأداء ولا الجودة ولا السلامة ولا الرحابة.
إنني متأكد من حرص الأهل¡ لكنني بذات الوقت أتطلّع إلى لائحة إرشادية تُصدرها الجهات الرسمية المسؤولة عن بيئة التعلّم والتعليم. ولا يمنح المرور رخصة تمكين المركبة من النزول إلى الشارع ما لم تكن أوصافها متوافقة مع اللائحة.
ليس المهم أن يصل الطفل إلى مدرسته أو منزله باكرا¡ إنما المهم أن يصل سالما.
ولقد رأى أكثر من مهتم كيف تسير تلك "العِلَب" في منعطفات وأنفاق وجسور وفي داخلها زهرات قلوب المجتمع. ونحن إذا سمحنا باستمرارها نغتال الوداعة بواسطة جشع مؤسسات تدعي أنها تربوية.
وكمجتمع متحضّر نتوقّع أن لا تكون مهام التعليم مهاما جزافية كأعمال الغوص للبحث عن المحار (درّة أو شاذوب..!). أو أعمال تنفيذ (لكم اللحم ولنا العظم)¡ فالتربية وبالذات رياض الأطفال هي عمل علمي منظّم له قواعده وأصوله ومهامه.
أعتقد بضرورة وجود مدونة رسمية يُصدرها المرور¡ تلتزم بها المدارس التي ترغب تشغيل مايكروباص لنقل الأطفال. وبدون الالتزام بها¡ فحصا وترخيصا ومراقبة¡ لا يُسمح لأي كان بشراء سيارة واستعمالها لنقل الأطفال.




إضغط هنا لقراءة المزيد...