القصة التي سأخبركم عنها اليوم تحدث عنها المؤرخ الأندلسي أبو حامد الغرناطي والمستشرق الروسي كراتشكوفسكي¡ واستعرضتها أنا بسرعة في مقال نشر عام 2005 بعنوان "أول مسلم اكتشف أميركا لم يأت من الصين".
ففي الوقت الذي كانت فيه شبه جزيرة أيبيريا ملكا للعرب عاشت في البرتغال عائلة عربية كبيرة عرفت بالثراء وحب أفرادها للمغامرات وركوب البحر.. ويبدو أن ترفع هذه العائلة وعلو منزلتها جعل الناس يصفونها بعائلة "المغرورين"¡ ولهم حتى اليوم حي يدعى درب المغرورين في لشبونة.
وحدث أن قرر ثمانية شبان من أفراد هذه العائلة -وكلهم أبناء عمومة- أن يركبوا بحر الظلمات (أو المحيط الأطلسي حاليا) ليتأكدوا من السمعة السيئة التي يتناقلها الناس عنه¡ ففي ذلك الوقت كان الناس يعتقدون أنه لا يوجد باتجاه الغرب غير نهاية الأرض¡ حيث الظلام الدامس والوحوش الهائلة وبحار الزفت الكريهة.
ورغم هذه المزاعم قرروا خوض المغامرة فأخفوا خطتهم عن أهاليهم وبنوا بالسر مركبا شديد الاحتمال وتزودوا بمؤونة تكفيهم لعدة أسابيع.. وفي ليلة لم يلاحظهم فيها أحد انطلقوا نحو المجهول.. نحو الهنود الحمر ونهاية العالم واحتمال السقوط من حافة الأرض!!
وبعد أن قضوا في البحر أسابيع طويلة أنهكهم التعب وبدأ ينفد منهم الزاد¡ وحين أخذ اللوم والشجار يدب بينهم رأوا جزيرة صخرية يمموا نحوها واستقروا فيها (اعتقد شخصيا أنها جزر الأزر)..
غير أنهم سرعان ما لا حظوا أنها خالية من السكان فغادروها إلى جزيرة قريبة فيها الكثير من الأغنام الشاردة (والاحتمال الأقرب أن تكون برمودا).. وبعد أن ذبحوا الأولى.. ذبحوا الثانية فالثالثة فالرابعة ولكن جميعها كان لها طعم مر لا يستساغ!!
وبعد يومين استقلوا مركبهم مرة أخرى واتجهوا جنوبا لاثني عشر يوما فوجدوا جزيرة كبيرة فيها سكان وعمران وزرع (والاحتمال الأقرب أن تكون كوبا أو الدومينكان).. وما إن نزلوا حتى أحاط بهم رجال شبة عراه أخذوهم أسرى.. وفي السجن قضوا أياما طويلة لم يتناولوا خلالها سوى الماء لم يقابلهم فيها أحد حتى دب الشجار بينهم وبدأوا يتلاومون من جديد.. وفي اليوم التاسع دخل عليهم من يتحدث العربية وأخبرهم أنه بحار مغربي تاه قبل سنين وأنه رسول الملك إليهم.. وبعد أن علم بخبرهم ضحك من قصتهم ووعدهم خيرا.. وما هي إلا أيام حتى استدعوا لمقابلة الملك الذي راقه ذكاؤهم وحبهم للمغامرة فترك لهم حرية التنقل ووعدهم بإعادتهم لبلادهم عند هبوب الرياح الشرقية (أو ربما تيار الخليج الدافئ الذي يتجه شرقا وتستغله السفن التجارية حتى اليوم للوصول بسرعة).. وبعد عدة أيام أنزلوا إلى البحر بمركبهم وقد عصبت أعينهم وربطت أيديهم.. وبعكس رحلتهم السابقة لم يقضوا في البحر إلا أياما قليلة حتى وصلوا لجزر الكناري ومنها للمغرب ثم برا إلى البرتغال..
هذه الرحلة العجيبة حدد مسارها بدقة المؤرخ كراتشكوفسكي في القرن التاسع عشر وأيدها تقرير مطول صدر من جامعة ستراند البرازيلية في عقد الخمسينيات.. وقد استنتج الأمير مصطفى الشهابي أن المغرورين اكتشفوا جزر الكاريبي شرق أميركا ثم عادوا إلى المغرب حيث قيل لهم إنهم مايزالون على بعد شهرين من البرتغال فصاح أكبرهم "يا أسفي" فسمي ذلك المكان "أسفي" وهو حاليا ميناء مهم في المغرب!
.. والآن.. من يخبر كولومبس بواحدة من أجمل مغامراتنا العربية!!




إضغط هنا لقراءة المزيد...