من المجحف قراءة أي خطوة تقدم عليها المملكة خارج السياق الإقليمي والدولي¡ إذ لا يمكن أن ننكر تأثير هذا المحيط الذي نعيش في قلبه على قراراتنا وخططنا التنموية¡ ومن هذا المنطلق فليس من العدل أن نقرأ "ميزانية مستقبل الوطن" دون مراعاة مكانتها بين أكبر عشرين اقتصاداً في العالم¡ أو خارج حسابات سياسية واقتصادية إقليمية فرضت على المملكة تواجداً سياسياً واقتصادياً أكبر في جميع ملفات المنطقة الملتهبة.
والمستعرض لكلمة خادم الحرمين الشريفين خلال إقراره ـ حفظه الله ـ لـ"ميزانية مستقبل الوطن" يلحظ مستوى الشفافية في الإشارة إلى آثار الظروف الاقتصادية شديدة التقلب التي عانت منها معظم الدول وكذلك انخفاض أسعار مصدر الدخل الأول للمملكة¡ لكنه في الوقت ذاته يلحظ التأكيد الكريم على أن الدولة سعت إلى التعامل مع هذه المتغيرات بما لا يؤثر على ما تتطلع إلى تحقيقه من أهداف.
هذه المعادلة السهلة الممتنعة هي التي أدخلت المملكة في نادي العشرين الأقوى اقتصاداً قادمة من المرتبة السابعة والعشرين عام 2003مº رغم كل الظروف الصعبة التي تكفي إحداها كمبرر لتراجع المكانة الاقتصادية والسياسية¡ لكن المعادلة يمكن اختصارها بأن لا تفريط في مسؤولياتها الداخلية والإقليمية ولا إفراط في رؤيتها السياسية والاقتصادية.
وإضافة إلى التطمينات التي عكستها مضامين كلمة خادم الحرمين الشريفين¡ فإن لغة الأرقام لا تكذب ولغة التواجد الدولي ليست المجاملة من مفرداتها¡ حيث من الصعب أن تفرض اقتصادك ضمن الأقوى من باب المجاملة¡ كما أنه من الصعب أن يكون الاستقرار الذي تعيشه من باب المبالغة¡ أو أن تتحول عاصمة المملكة إلى وجهة سلام وحلول لكل الملفات الملتهبة إقليمياً ودولياً من باب المصادفة.
إنها السياسات المتعقلة والبعيدة عن المتاجرة بالطموحات وأحلام الشعوب¡ التي أفضت اليوم إلى هذا الفضاء الأخضر وسط محيط متلاطم ماج بالعديد من الكيانات المحيطة حتى غدت أثراً بعد عين.
ها نحن اليوم نقف على مشارف تحولنا باقتصاد متين قادر ليس فقط على مواجهة التحديات الحاليةº بل قادر وبقوة على صناعة تحديات جديدة وهزيمتها كما تطرح رؤية المملكة 2030 من تحدياتº لولا الثقة المتبادلة بين القيادة والشعب ما كان للجميع أن ينخرط بها ويؤمن بإمكانية تحقيقها.
إن "رؤية المملكة 2030" وبرامجها التنفيذية ليست مجرد إصلاح اقتصادي¡ بل تتجاوز إلى رسالة اطمئنان لشركاء الداخل والخارج بوجود إرادة على الاستمرار على النهج السياسي والاقتصادي القادر على أن يحافظ على مكانة هذا الوطن كصمام أمان واستقرار للعالمين العربي والإسلامي.




إضغط هنا لقراءة المزيد...