في النشاطات الفكرية¡ والفعاليات الثقافية صورة تدل على الحراك الثقافي¡ ومع انتشار الأنشطة في الساحة المحلية المتمثلة في الندوات¡ والأمسيات¡ والمعارض التشكيلية¡ وما يذكر من عروض مسرحية¡ وسينمائية¡ وهي تأتي حسب القدرات والاستعدادات¡ فمن هنا تصاحبها طفرة إعلامية ملاحقة تصور هذه الأنشطة آنياً¡ وتكون التغطية الفورية والوصف السريع وإعطاء المسميات والألقاب التي تكون مقلدة للسابقين في هذا المسار¡ فتجيء كفزعة إعلامية مؤقتة تذهب بنهاية الحدث بالرغم من الأخطاء التي قد تنتج بفعل الاستعجال وعدم الرؤية لفقدان التركيز¡ فيكون هناك ما يشبه التشهجات سواء سلباً أو إيجاباً¡ وقد ترتكب الأخطاء دون وعي في الإيجابيات من قبل المجتهد الذي نصّب نفسه ناقداً ومقوماً وهو لمّا يحز بعد التحصيل القادر على تبؤ المكان الذي حشر نفسه فيه¡ حيث أخذ يدلق الأحكام¡ ويوزع الألقاب والمسميات¡ ويزجي بالنصائح¡ وهو في مسيس الحاجة لمن يرشده ويقوّم عمله.
الظروف وحدها هي التي تجعل من هؤلاء الطافين على السطوح شبه قوَّامين على تحديد وتأطير المناسبات¡ حتى لو لبس بعضهم رداء حسن النية¡ فالقدرات لا تكون دائماً في محل التَّمكن من إعطاء الدور الكافي¡ فتأتي المبادرة الإعلامية التي تصاحب الفعاليات الثقافية بأشكالها¡ فقيرة في التواصل والتوصيل¡ ولا تعطي الصورة الحقيقية كما ينبغي من الشمول والكمال¡ فهذا أمر تكون قدرته عند من كانت لديه المعرفة التامة والمحيطة بما يريد أن يتحدث عنه.
الأمسية الشعرية مثلاً¡ يحق للمكلف أن ينقل ما يقال ويقرأ بدون تعليق من قبله هو¡ فهناك نقاد ومعلقون سواء من المشاركين أو الحضور¡ فدور الإعلامي هنا يكون في النقل الأمين¡ ولكن هناك من يتجاوز ما أتيح له¡ فيذهب إلى الحذف والبتر ويضيف وينشر ما يريده وما يحبذه¡ وما يمليه عليه آخر قد يكون له مأرب¡ فيقع فيه دون أن يعي مما يدخل على المساهمة الضبابية وعدم وضوح الرؤية¡ وينطبق ذلك على الأمسيات القصصية¡ والندوات¡ وبعض النشاطات الثقافية التي تحتاج إلى ملم ومدرك ومستوعب لها يكون باستطاعته أن يصورها مجسدة بفعل قدراته محدداً الأبعاد الحقيقية لما يتحدث عنه.
ليس طلباً بأن يكون المَعْني ناقداً متخصصاً¡ وإنما المراد أن يكون مُلماً بما يريد أن يتحدث عنه¡ وهذا جانب من الرؤية¡ والجانب الآخر والمهم هو عملية الآنية في الملاحقة وقفل الباب دون الرجوع إلى الأشياء المقدمة من قبل القادرين ومناقشتها¡ ووضعها في الأماكن التي تليق بها في الساحة¡ فالأمسيات عديدة¡ والندوات كثيرة¡ والمسرحيات لا بأس بها وفي الراهن ما يبشر بقادم مزدهر¡ ولكن المأمول أن تكون المتابعة على قدر ما يعطى من عمل¡ وأن يستمر تسليط الأضواء¡ وأن لا تُنسى إلى أن تأتي نشاطات أخرى¡ فالأنشطة مستمرة¡ فمن المستحسن أن تُراعى الدقة في اختيار الموكول إليهم المناسبات الثقافية¡ فكما أن هناك محررين للتغطيات المحلية¡ وكذلك الرياضية¡ والاقتصادية¡ فإن المجال للمتخصص في الشؤون الثقافية لابد أن يكون مهيأً نظراً لقدرته على التعامل مع العمل المنوط به¡ وعدم الخلط بين الأوراق والنظر إلى النشاط على أنه عمل فقط دون مراعاة للفوارق بين الأعمال والأنشطة¡ ومن نتاج ذلك أن تغطية المناسبات الثقافية غالباً ما تكون مستعجلة بالرغم من تفاوت الأزمنة بينها¡ وذلك لانعدام الاستعداد لها بالتهيئة الصحيحة واختيار المناسب الممارس لها ومحاولة إعطائها ما تستحق من من تركيز وتكثيف من ناحية الكيف والكم¡ وليس هذا يعني أن الجميع ليس محقاً¡ ولكن هناك من جعل من النظرة أن تكون شبه شاملة¡ فهناك بعض الاجتهادات الفردية التي تكون على مستوى رفيع بالتعامل مع الحدث في وقته¡ وبعضها يجيء على استحياء بعد وقت¡ ولكنه يضيع بين الركام نظراً لفوات الوقت¡ ويكون ضمن تحصيل الحاصل¡ ولكن لو كان هناك ما يشبه التركيز وما ينبئ عن جد في ملاحقة العمل¡ وإعطائه ما يستحق من العناية لكي يصل متكاملاً إلى الآخر¡ فإن عملاً جاداً سيظهر¡ وستتلاشى التهويمات اللامسؤولة¡ وغير القادرة على التجسيد¡ وسيكون المجال فسيحاً لإبراز الصورة وتأطيرها بما يناسبها لتكون في مكانها الصحيح.
مجرد ملاحظة بسيطة المراد منها لفت النظر إلى شيء يحدث ويمر يتوجب أن يلقى التفاتة من جميع المعنيين بالشأن الثقافي بكافة أشكاله.




إضغط هنا لقراءة المزيد...