المملكة ترصد 23% من الإنفاق الحكومي لقطاع التعليم أي ما يقارب ربع ميزانيتها, وهذا يضعها في مصاف الدول المتقدمة إلى جوار سنغافورة , والدنمارك, والمملكة المتحدة.
أيضا اقتصاد المملكة أهَّلها لتكون من الاقتصادات العشرين الكبرى في العالم, إذا بموازاة هذا الإنفاق الهائل¡ من المفترض أن نصنع مشروعا تعليميا¡ نموذجيا¡ مبهرا في المنطقة.
لكن لنفاجأ بمؤشر جودة التعليم العالي في مؤتمر دافوس 2016يصنف المملكة في المرتبة 54 من أصل 140 دولة , ولنجد إن مخرجات المؤسسة التعليمية باتت عبئاً على الدولة بدلا من أن تصبح المفاتيح التنموية¡ التي ستعبر من خلالها إلى المستقبل¡
وأعتقد أن أهم مشروع يجب أن تتبناه وزارة التعليم لدينا هو الإجابة على السؤال
لماذا¿
لماذا توجد هذه الهوة الواسعة مابين ما تنفقه الدولة على التعليم¡ والجودة النوعية للمخرجات¿
ولابأس أن توقف وزارة التربية والتعليم كل طاقاتها¡ وقدراتها¡ ومشاريعها ,خلال السنوات الثلاث القادمة للإجابة على السؤال ....لماذا¿
فنحن إلى الآن رغم الدعم¡ ومشروعات التطوير¡ يتخرج الطالب بالكاد يسيطر على المهارات الأدنى في الكتابة والقراءة والحساب, لتتلقفه السنة التحضيرية في التعليم العالي , لترمم ما أفسد اثنا عشر عاما من التعليم العام, هذا مع ضمور في غايات التعليم الكبرى الهادفة لبناء الإنسان في مختلف المجالات الايجابية في الحياة, ومده بمختلف المعارف والمهارات التي يحتاجها العصر.
فلماذا¿
لا أعتقد أن أيا منا يمتلك جواباً سحرياً قطعياً, لكن نحن نعلم بإن إدارة التعليم جزء من الثقافة الإدارية المهيمنة على مؤسساتنا, لذا حتما ستعكس عيوبها! من بيروقراطية وغياب الشفافية¡ والمحاسبية¡ والهياكل الإدارية المرنة.
وزارة التعليم أهدرت كماً هائلًا من طاقاتها¡ ووقتها¡ وجهدها¡ في الصدام مع الحرس القديم المتمركز داخل الوزارة¡ والرافض لأي تغيير, وأعتقد أنه آن الآوان لفض الاشتباك التاريخي لصالح:
البنية التحتية المثالية , والمرافق النموذجية.
-تكريس الامتيازات الكبرى المقدمة للمعلمي, بحيث تصبح مهنة مصطفاة للنخب.
-مخرجات مستجيبة لإيقاع العصر¡ ولخطط الدولة المستقبلية.
-مناهج وعلوم تطبيقية¡ وإنسانية بمواصفات دولية .
عندها فقط لن تصبح ساحات العلم مضمارا للمزايدات والتجاذب بين التيارات, وسيهب المجتمع بكامل شرائحه, ليصطف خلف مشروع تعليم نموذجي متكامل .
ولابأس هنا بالتذكير بتجارب خليجية مجاورة صغيرة¡ وعمرها لايوازي 20% من عمر التعليم المؤسسي في المملكة, استطاعت أن تقطع أشواطا كبرى في تطوير التعليم , ولاسيما عبر الاستثمار في تجارب دولية ناجحة في القطاع الخاص, بينما القطاع التعليمي الخاص لدينا أصبح دكاكين َ تتسابق برفع الأقساط¡ كمؤشر وحيد على الجودة.
دوما وعبر التاريخ كان الاستثمار في تعليم وتأهيل الأجيال, هو أهم وأنجح استثمار, وإلى أن تجد وزارة التعليم جوابا يفسر للوطن سبب الهوة القائمة بين حجم الإنفاق, وطبيعة المخرجات التعليمية لدينا ¿¿
فلا أعتقد بأن هناك أمراً سيتغير داخل المؤسسة التعليمية .




إضغط هنا لقراءة المزيد...