الاستمرار في مقايضة الماضي بالحاضر خسران للمستقبل لا محالة¡ الأمر الذي سيجعل الجميع في دوامة المتاهة التي ستحاسبهم عليها الأجيال على ما اقترفوه في حق أنفسهم وفي حق أوطانهم¡ وسيجد الجميع أنفسهم¡ وفي غفلة من الزمن¡ بأنهم عادوا إلى نقطة البداية¡ إن لم يغادروا الماضي بكل تبعاته وأوزاره¡ إلّا ما يمكن الاتعاظ به من الدروس والعِبر حتى تتم الخطوة الأولى الحقيقية للانطلاق نحو المستقبل¡ في ظل التطوّر المتسارع الخطوات الذي يشهده العالم¡ ونحن في اليمن منهمكون بصراع الديكة الذي لن ينتهي حتى سادت الأهواء وغلبت المصالح وعمت الغوغائية وضاعت الحقيقة في ظل ما يُسمّى بالمناخ الديمقراطي الذي لم يُستفد منه إلّا في البحث عن العورات¡ ولا يُعاب على هذا إلّا النخبة من السياسيين ورجال الفِكر والثقافة وحملة الأقلام¡ وهم من تقع عليهم المسؤولية بنقاء المناخ السياسي الموجّه نحو دعم مسيرة البناء والتنمية المفترضة¡ وتجميع الطاقات ونبذ الفرقة بدلاً من المكايدات والشتات الفكري والصراع والاقتتال¡ فهناك فريق طوبائي حتى النخاع¡ رومانسي حالم لا يدرك حقيقة الواقع¡ وفريق يستجر من الماضي ومبرئ نفسه من استحقاقات الحاضر¡ وفريق في خصومة مع ذاته لا يرى أبعد من أنفه¡ وفريق غارق في كلمة حق يُراد بها باطل¡ وجميعهم لا يتعظون بما يجري ولا يأخذون بمنطق التاريخ والعِبر¡ حتى كاد اليمانيون أن يكونوا أعداء أنفسهم¡ يفوّتون الفرص¡ غير مدركين لجسامة ونبل الرسالة السياسية والفكرية التي تخدم مصالح الوطن والمواطن.
المواطن اليمني¡ لا يطلب أكثر من أن يعيش في هدوء وطمأنينة وأمان¡ وأن تكف وسائل وقنوات الإعلام الحزبية والأهلية عن إشاعة أجواء الخوف والفوضى وإثارة الخلافات وتأجيج الصراع¡ وأن تنتهج منهجاً يخلو من الإثارة والغلو¡ تحترم فيه كل مقاييس وأخلاق العمل السياسي والإعلامي الذي تناسته الكثير من الوسائل الإعلامية وسمحت لكثير من الأقلام للتعبير عن ما هو مسكون في نفوسهم من غلٍ على المجتمع وعلى كل شيء جميل¡ وأصبحت الصحف وكل وسائل الإعلام وقنوات التواصل الاجتماعي ساحات معارك شخصية¡ مع قناعتي الخاصة بأن الوطنية لا تُقاس بالانتماء الحزبي أو بالكتابة في هذه الصحيفة أو تلك الوسيلة¡ مع أن جميعهم وطنيون حتى النخاع¡ بقدر ما هناك من اختلافات في الرؤى ووجهات النظر¡ والواقع فعلاً ليس مثالياً ولا يمثّل الطموح¡ ولكن ليس الحل بإثارة الفتن وتأجيج الصراعات العبثية والشحن الطائفي والمذهبي¡ مما يتطلّب من كل وطني مخلص أن يسمو فوق الصغائر وأن لا يحكم على الماضي بمقاييس اليوم¡ بل نقيِّم الماضي لنعيش الحاضر نحو مستقبل أفضل¡ فالجميع يجب أن يكونوا شركاء في بناء الوطن.




إضغط هنا لقراءة المزيد...