رجال مثل الأستاذ تركي السديري لا يمكن الإحاطة بهم¡ غادر ملك الصحافة الأعباء التي حملها لما يزيد على الأربعة عقود من الزمان وأوى لظلال واحته التي عمرها بالرياض¡ لتظل تحن إليه الواحات التي تركها في نفوس من وقف ودعمهم بقوة شكيمته وأصالته.. تركي السديري للكثيرين لم يكن مجرد رئيس للتحرير¡ وإنما كان وسيظل الأب الروحي¡ بمظلة حماه التي يبسطها على الجميع.. تنفق المملكة الآن بسخاء لتقديم المرأة السعودية للعالم¡ وجريدة الرياض بدأت مبكراً في تمكين المرأة ورعاية غراس هي الآن صورة مشرفة لبلدنا¡ الرياض ومؤسسة اليمامة في مطبوعاتها وتركي السديري شكلوا لي مع غيري من الكاتبات السعوديات الحاضنة التي دفعتنا للنماء¡ الرياض هي أول جريدة عينت امرأة ومنذ الثمانينيات كمديرة للتحرير هي الدكتورة خيرية السقاف¡ وبشكل خاص فإن الرياض ومنذ مقالتي الأولى -التي تخوفت من نشرها جريدة المدينة في صفحة مساهمات قرائها واحتفت بها في ملحقها الثقافي الرياض- قد منحتني التربة التي لولاها لما كان لي هذا الدافع الذي أنتج هذا النتاج المنظور عالمياً.. وأشكر لـ"الرياض" أنها لم تجبرني على الهبوط من سماء وإنما تركت لي التحليق مع دوام رفد جذوري في تربتها.
غادر تركي السديري جريدة الرياض وترك بصماته في كل مكان¡ وبعده حل التقشف الذي تفرضه الظروف المؤقتة وضرورة ترشيد المسير حتى نجتاز الأزمة.
"آمريني" يأتي صوت فهد العبدالكريم¡ صوت من شهامة الجزيرة¡ من صدى شيوخ القبائل الذين يضمونك لحماهم بوجه أعتى الأعاصير.
رجل تخترق إليك رحابته¡ صوته القوي يُعَرِّفك¡ نبرة القلب في الصوت تحيته تهدر صوبك وتعيد تعريفك¡ يرفعك الصوت لسياقك الكوني الذي هوى بك.
تنسى بديع تلك اللغة التي أحيت قفار الجزيرة واستهبطت الوحي¡ تنسى الكلمة السيف حتى ترجع للوطن وإن بمكالمة¡ وتخرسك شهامة الرجال.. هناك لغة منطوقة أبلغ من الفعال¡ لغة بليغة تأتي من القلب وتذبح آخر أفراس حاتم الطائي لعابر سبيل¡ لغة تتقد ناراً لترشد الضاربين في الرمل وتنفتح سرادقاً لتوطين التائهين.
رجال "الرياض" يتدفق في بليغهم كل البدو الذين صاغوا مخيلاتنا بالقصيد¡ تشعر أن الحمى مفتوحة وأن النار تظل موقدة وأنك مُجَار وأن هيلاً يُصَبُّ سخياً بفنجان قهوتك.
"وستتلو الفعال" يقولها رئيس التحرير ويهمي غيث.




إضغط هنا لقراءة المزيد...