العام المنصرم (2016) شهد كسوفين للشمس وثلاثة خسوفات للقمر.. أما في العام الجديد 2017 فسيشهد العالم كسوفا للشمس يوم 26 فبراير و21 أغسطس (لا ترى في كل العالم) في حين ستحدث الخسوفات القمرية يوم 10 فبراير و7 أغسطس¡ ولا يمكن رؤيته في المنطقة العربية لحدوثه نهاراً..
السؤال هو: كيف عرفنا هذا¿
الجواب: من الجداول الفلكية التي يضعها علماء الفلك ويمكن أن تغطي ثلاثين عاما قادمة..
فالخسوف والكسوف هما في النهاية ظاهرة فلكية معتادة تحدث حين يصبح القمر على مسار واحد مع الشمس (فيحجب نورها عن الأرض)¡ أو حين تقع الأرض في مسار واحد بين الشمس والقمر فتحجب عنه ضوء الشمس..
وهما اليوم -على الأقل بالنسبة لأغلب الشعوب- ليست أكثر من حدث فلكي مهيب يستحق المشاهدة.. وأول كسوف شمسي شاهدته في حياتي حدث في أغسطس 1999.. كنت وقتها في أوروبا وحرصت على أن أكون في العاصمة السويسرية في الحادي عشر من ذلك الشهر¡ (لأنها من المدن القليلة التي يمكن مشاهدة الكسوف فيها كاملاً). وبالفعل رأيت الكسوف للمرة الأولى في حياتي¡ وكان موقفا مهيبا أظلمت فيه الدنيا في عز الظهيرة¡ ولبس فيه المتجمهرون حولي نظارات شمسية خاصة.
غير أن الحال لم يكن بهذا الهدوء في العصور الماضية.. كانت الحضارات القديمة تعتبر الظاهرة نذير شؤم ومقدمة للمصائب.. ففي اليابان مثلا كانوا يغطون خزانات المياة اعتقادا منهم أن الجو سيكون مشبعا بالأمراض.. وكان الهنود يغلقون بيتهم خوفا من تسلل ضوء القمر الضار.. وكانت الشعوب الاسكندنافية تعتقد أن الشياطين تسبح في الهواء عند الكسوف.. أما في بابل فذهبوا أبعد من ذلك¡ حين افترضوا أن المصائب والأمراض تأتي من الجهة التي أظلم فيها القمر!!
ويذكر لنا التاريخ مناسبات كثيرة استغلت فيها ظاهرة الكسوف والخسوف لتحقيق مصالح معينةº وقصتي المفضلة هنا هي الخدعة التي قام بها كولومبوس في جزر الكاريبي قبل خمس مئة عام.. فقد وصل إلى تلك الجزر وقد نفدت منه المؤن وتحتاج سفنه لصيانة.. وعبثا حاول الحصول على مساعدة السكان المحليين¡ ولكنهم امتنعوا حتى عن المتاجرة معه.. وفجأة تذكر أن المراقب الفلكي أخبره حين كانوا في البحر أن خسوفا للقمر سيحدث في 29 فبراير القادم.. وهكذا طلب الاجتماع بزعماء القبائل في الليلة الموعودة بحجة أنه يحمل رسالة من كبير الآلهة.. وقد تأخر الوفد حتى كاد يحل الموعد ولكنهم حضروا في النهاية¡ وبسرعة قال لهم: إن الآلهة غاضبة منهم وأنها أخبرته أن غضبها سيتجلى بحرمانهم من ضوء القمر.. وفيما كانوا يسخرون منه¡ بدأ القمر يخسف فارتعب الهنود ورجوه أن يقبل مساعدتهم.. ولكن كولومبوس تصنع الغضب¡ ودخل سفينته¡ وأغلق الباب خلفه.. وقد بقي هناك حتى قبل ظهور القمر بدقائق ثم خرج لينال ما طلب!!




إضغط هنا لقراءة المزيد...