ما الذي يمنع تحولنا إلى بلد تـديره الشركات بدل الوزارات¿
ما الذي يؤخرنا عن إنشاء شركات متخصصة تقـدم الخدمات الحكومية العامة¿
مالذي يمنع إلغاء بعض الوزارات والمؤسسات والمجالس (التي فاتها قطار الزمن)¡ وتحويـل ماتبقى لشركات ربحية (ترفد خزينة الدولة بدل استنزافها)¿
لماذا لا ينشئ صندوق الاستثمارات العامة شركات تجارية متخصصة في بناء المستشفيات والمدارس والأحياء السكنية¿.. لماذا لا تبادر البنوك ببناء هذه المنشآت مقابل تأجيرها على الدولة (بدل أن تتكفل الدولة بإنشائها من الصفر¿).. لماذا لا تقوم شركات المقاولات بإنشاء الطرق والجسور مقابل استئجارها لمدة خمسين عاما¿.. ما الذي يؤخر جامعاتنا عن إنشاء أوقافها الخاصة أو مشاركة القطاع الخاص أو تحويل أبحاثها لمنتجات تجارية (فالمشاريع التي ولدتها جامعة هارفارد حتى 2016 تعادل ميزانية السعودية وإسبانيا مجتمعتين)!!.
لدينا نماذج ناجحة ممثلة في أرامكو وسابك وشركة الاتصالات التي لا توفر فقط خدمات راقية¡ بل وترفد خزينة الدولة بالمال (إما بحكم ملكيتها أو المشاركة في أسهمها).. في الماضي كنا نملك وزارة تدعى "البرق والبريد والهاتف" تستقطع قسما كبيرا من ميزانية الدولة مقابل خدمات ضعيفة ومتهالكة.. ولكنº بمجرد تحولها إلى شركة تعمل على أساس تجاري¡ ارتفع مستوى خدماتها وأصبحت تمون نفسها¡ وتدفع رواتب موظفيها (وفوق هذا ترفد خزينة الدولة بعد أن كانت تأخذ منها)..
الشركات العظيمة هي الأساس الذي تقوم عليه الدول العظيمة.. أميركا واليابان وألمانيا وكوريا الجنوبية قامت على أكتاف شركات رائدة مثل بوينج وسوني ومرسيدس وسامسونج.. شركات تشكل جزءاً من اقتصاد الأمة¡ وترفد الدولة بالجزء الأكبر من ميزانيتها (من خلال الضرائب)..
وفي المقابلº سنصل نحن لمرحلة الإفلاس وتراجع الخدمات في حال تولت الدولة كافة المهام (باستثناء رعاية الفئات المحتاجة).. فالقطاع العام لا يعمل على أساس ربحي¡ والدولة لا تملك ميزانية مفتوحة¡ والمسؤولون الحكوميون لا يمكنهم متابعة كل شيء.. لهذا السبب يفترض نقل كافة القطاعات الخدمية لشركات متخصصة تنجز المهمة بفعالية¡ وتعفي الدولة من الرعاية والمسؤولية.. فمن خصائص القطاع الخاص تجاوبه مع احتياجات الناس بفضل حرصه على الربحية والتوسع.. كما يمكنه استقطاب رؤوس الأموال الضخمة (التي تنساب بطبيعتها نحو المشاريع المربحة) ويسعى دائما لتطوير منتجاته ونيل رضا عملائه (خشية تحولهم لمنتجين منافسين)..
.. أنا شخصياًº لا أعتقد أن محاسن الخصخصة غائبة عن أذهان المسؤولين¡ ولكن يظل السؤال عن أسباب التأخير والبيروقراطية والعودة بعـد كل مسؤول إلى المربع الأول.. نعاني من "أزمة فكر" حقيقية في حال اعتقدنا أن البترول سيستمر¡ أو أن أرصدة الدولة لا تنفذ¡ أو أن القطاع العام يمكنه منافسة القطاع الخاص (حتى لو ارتفع سعر برميل النفط لألف دولار)..
إذاً.. ما الذي يمنع تحولنا إلى بلد تديره الشركات بدل الوزارات¿
.. سؤال أرجو أن أرى إجابته على أرض الواقع.




إضغط هنا لقراءة المزيد...