المعلومة الدقيقة والمحدثة هي مصدر اتخاذ القرار لأي قطاع¡ وللأسف فهي غير متوفرة في كثير من الجهات الحكومية وقطاعات الأعمال وإن توفرت فهي ناقصة¡ والاهتمام بالدراسات وجمع البيانات وبناء قواعد المعلومات دائما ضمن آخر الأولويات وهذا عكس الدول المتقدمة التي تستثمر الكثير من الأموال في هذا القطاع إضافة إلى مراكز البحوث والتطوير التي تنشؤها في دوائرها وشركاتها للحصول على المعلومات بشكل مستمر ودقيق لتساعدها في اتخاذ القرارات الاستراتيجية.
وفي المجال العقاري المعلومة الدقيقة عن توجهات السوق والحاجة للمشاريع المختلفة ظل لعقود ضعيفا ويعتمد على اجتهادات ودراسات غير دقيقة بالإضافة إلى الاستعانة ببعض المكاتب الاستشارية التي لا تكلف نفسها عناء البحث عن المعلومة وتقديمها بشكل مهني مما يؤثر سلبا على القطاع¡ وهناك شركات تستثمر مئات الملايين وبعضها بالمليارات ولا تهتم للاستثمار في بناء قاعدة معلومات داخلية أو التعامل مع جهة متخصصة تساعدها على تحديد توجهات السوق ومتطلباته وتحديد احتياجات عملائها المستهدفين بدقة.
لو بحثنا عن الأرقام أو الإحصاءات الدقيقة عن عدد الوحدات السكنية التي تحتاج إليها المملكة وتقسيماتها بين المدن والمناطق حاليا ومستقبلا لوجدنا أرقاما مختلفة ومتناقضة¡ ولو أخذنا رأي الاقتصاديين الخبراء أو المستثمرين العقاريين ورؤساء الشركات العقارية والإسكانية أو حتى بعض الدوائر الحكومية عن السوق العقاري والإسكاني لوجدنا أرقاما متباينة.
فمثلا معظم الأرقام تتحدث عن الحاجة بين 150 ألف إلى 200 ألف وحدة سكنية سنويا للسنوات العشر القادمة¡ وأن أكثر من 60 في المئة من المواطنين لا يملكون مساكن! فهل هذا الرقم صحيح ومتوافق مع الحاجة الفعلية¡ وما تقسيم الشرائح التي تحتاج إلى وحدات سكنية¡ وهل هي ضمن فئة محدودي أم متوسطي الدخل¿
وكم يحتاج السوق العقاري من وحدات سكنية جاهزة ونوعيتها ونطاقها¿ وماهي نسبة من لديهم القدرة وعددهم¡ كم نسبة المتعثرين في قروض استهلاكية أو عقارية¡ ومن المقتدر على شراء أرض وبنائها أو شراء وحدة جاهزة¿
عدم الاهتمام بالبحوث والتطوير وعمل الدراسات والمسوحات الميدانية والشاملة والمستمرة سبب رئيس في المشكلة¡ وتعدد جهات الاختصاص وتوزع المسؤوليات والصلاحيات بينها جعل المرجعية في مثل هذه المواضيع أمرا عائما. لذا كيف نخطط لبناء المشاريع العملاقة في المدن والمناطق دون أرقام دقيقة أو قريبة من الواقع وصادرة عن جهة معتمدة وموثوقة.
أتمنى من هيئة الإحصاء ووزارة الإسكان الاهتمام بهذه الجزئية وعدم ترك الأمور للاجتهادات فنحن مقبلون على حركة عقارية واستثمار في المشاريع الإسكانية في السعودية ووجود هذه المعلومات وحضورها الدائم والدقيق أمر ملح.
مؤشر وزارة العدل وبيانات وزارة الإسكان الحديثة ومعلومات هيئة الإحصاء الوليدة بداية طيبة وضرورية لكنها غير كافية وهي بحاجة للوقت لتثبت فعاليتها وكفاءتها.




إضغط هنا لقراءة المزيد...