"هواجيس" هي عنوان العمل الفني الأخير للمخرج والموسيقي ماجد العيسى¡ وهو فيديو غنائي ساخر قام ببثه الشهر الماضي عبر قناته في يوتيوب¡ ولقي انتشاراً واسعاً على شبكات التواصل الاجتماعي.
يتحدث الفيديو الغنائي عن معاناة المرأة في مجتمعنا¡ وأعاد فيه توزيع الأهزوجة الشعبية "جعل الرجاجيل للماحي" مع رقصات وممارسات تظهر حنق النساء على السلطة الذكورية التي رمز لها المخرج بصورة دونالد ترامب.
السخرية من مشاكل المجتمع عن طريق الفن هي ممارسة راقية¡ وتساهم في لفت الانتباه لها ومعالجتها¡ أو على الأقل رفع مرساتها قليلاً. ولكن¡ في حالة هواجيس العيسى لم تكن الأغنية إلا فرقعة يوتيوبية انفجرت في وجوهنا نحن فقط¡ إذ يبدو أن منتجي الأغنية تجاهلوا حقيقة أنه لم تعد السطوح التي ينشر فيها الغسيل معزولة عن بعضها¡ وأن غسيلنا شاهده كل العالم في وقت تتعرض فيه بلادنا لحملة إعلامية بالغة الضراوة والسلبية.
الفيديو شاهده أكثر من خمسة ملايين شخص¡ وتناقلته وسائل إعلام غربية¡ كتبت عنه واشنطن بوست¡ و"بليك" النمساوية و"دي فيلت" الألمانية ورغم إشادتهم بجرأته¡ إلا أن تعليقهم عليه لم يكن في صالحنا مطلقاً¡ بل يحاول أن يكرس الصورة النمطية للرجل السعودي وأنه يمارس القمع على النساء.. فيما كتب آخر بأن حتى نساء السعودية عنيفات يتمنين موت جميع الرجال كما تشير كلمات الأغنية!
وأخيرا¡ ما سبق ذكره في هذا المقال لا يعني أن العيسى وفريقه يفتقرون للموهبة والإبداع¡ ولا أن ما قاموا بها يجب أن يتوقف¡ ولكن يعني أن من المهم أن يتأملوا قليلاً نتائج هذا الفيديو بالذات¡ وانعكاسه على صورة السعودية في الخارج¡ وأن يعينهم هذا التأمل على الظهور بأعمال تحقق لهم معادلة الظهور والانتشار¡ دون الإساءة لصورة الوطن المشوهة أصلاً حول العالم¡ والتي لم نبذل أي جهد لتحسينها.
في المملكة الآن جيل صاعد من المبدعين¡ خصوصا في مجال الإنتاج المرئي والفيديوات القصيرة¡ ماجد العيسى¡ فريق مسامير الرائع¡ مشعل الجاسر (رغم جنونه)¡ يوترن وغيرهم¡ ليسوا إلا نماذج جميلة لهذا الجيل الخلاق الذي يعيش مرحلة استثنائية مدهشة تحتاج للقليل من التوجيه والجدية فقط¡ والجدية هنا لا تعني أن يبتعدوا عن الكوميديا وإنما أخذ مشاريعهم على محمل الجد¡ وفهم أبعادها وتأثيرات رسالتها الإعلامية¡ وأن يكون لهم دور أكبر في نقل صورتنا الحقيقية للعالم بعد أن أصبح لإنتاجهم قبول من المتلقي في الخارج.




إضغط هنا لقراءة المزيد...