أصدقاء جيدون وكتب جيدة وضمير نائم¡ تلك هي الحياة المثالية.. "مارك توين".
قبل سنوات صمت الشاعر الآشوري "سركون بولص" هذا الذي كان يبحث عن مدينة أين..!!¡ قال ذات مرة "هكذا صارت حياتي أشبه بجغرافيا¡ لا يمكن تفسيرها بالمواقع والأمكنة" لقد عشق التمرد في حياته¡ لم يرغب حياة الاستقرار¡ كان باحثا عن الأين.. وصائداً لكلمات الشعر¡ ويلبس روحاً لا تعرف الاستقرار.. سركون يا صاحب الروح الرقيقة¡ الهامسة باقتدار¡ المتألمة بأناقة¡ والمتحدية للعالم بصواريخ كلمات الشعرº هل وجدت في العالم الآخر الذي تعيش فيه "مدينة أين"¿ لم يبحث سركون عن السهولة في العيش والحياة الرغدة بل فضّـل الحياة القلقة التي يعلوها ضجيج البحث والاستكشاف والألم¡
من أجل الاحتفاظ بالدهشة¡ ولكن لم يجرؤ أحد على سؤال سركون عن ماذا يتوقع أن يجد في مدينته "أين" الباحث عنها¿ هل كانت تعني له الراحة الأبدية¡ أم الإجابات النهائية لأسئلة لم ينقطع خيطها¡ أو قد تكون الوهم الذي يجري خلفه ليسقيه حلاوة العيش في الحياةº كبشر نتشابه وسركون بشريّ اختار السير عبر الكلمة وكزائر المساء للحياة ضمّخ عيشته بالبحث والتساؤل¡ هنا يخالجني سؤال قشديّ اللون عن معنى أن نعيش بين خيطين من البياض والسواد يصعب علينا فصلهما¡ بياض البداية وسواد النهاية¡ بياض العيش بأخلاقيات ومبادئ¡ وسواد العيش بدونهما¡ ما معنى العيش لمن يتاجر بكل عاطفة صالحة لتنفيذ أغراض غير صالحة¿ وما معنى أن نعيش حياة تحوطها الرغبات الفردية ونتركها تنمو بلا تهذيب مسبق¿ من السهل علينا أن نتهم المجتمع أنه لم يربينا على البحث والتساؤل والاكتشاف ونحمله المسؤوليةº إنه تفسير مريح ولا يربكنا.
ويعفينا من مطاردة الإجابات العميقة¡ ومواجهة حقائق غض الطرف عنها أسهل من إثارتها¡ ولكن الحليف لنا هو الوعي¡ الوعي بذواتنا وحدودنا ومجتمعنا¡ الوعي بضرورة البحث والتساؤل من أجل أن نتحرك¡ ولتغادرنا البلادة والألفة إلى التوهج والصحو في حضرة الاكتشاف¡ وعدم استيراد تجارب بديلة بل نستوحيها¡ ولا أطالب بتوحيد زي أفكارنا ومعتقداتنا وتوجهاتنا بل أطالب بتوحيد الهدف نحو البحث عن كل ما يثري إنسانيتنا ورؤانا¡ نحتاج إلى تسونامي فكري ينهض بنا من مربع الخمول والاتكال¡ ولنتفاعل مع الحياة بالسلب والإيجاب دون وضع قوالب مسبقة¡ فالبحث والتساؤل يجعلنا نعيش شعورا إنسانيا يربطنا بالحياة بتحالف شفاف ضد الموت والمرض والألم¡ ولنمارس هواية الغطس في محيطات الحياة ولا نتخوف منها¡ ولنكسر وحشة جدار البلادة والاتكالية وغربة التكتم على حياة لم نتعرف عليها حتى الآن.




إضغط هنا لقراءة المزيد...