العلاقات السعودية التركية نموذجية¡ وأخوية¡ وقائمة على مبادئ راسخة¡ ومصالح مشتركة¡ ووجهات نظر متطابقة في الملفين السوري والعراقي¡ والتصدي للمشروع الإيراني الطائفي في المنطقة¡ والحرب على تنظيم "داعش" الإرهابي¡ إلى جانب التعاون الاقتصادي الذي توج مؤخراً بمجلس التنسيق المشترك بين البلدين¡ وحجم الاستثمار المتنامي في أكثر من قطاع¡ كذلك التعاون العسكري بتنفيذ أربع مناورات العام الماضي.
تركيا اليوم على أهمية الدور الذي تؤديه في قضايا الشرق الأوسطº لم تحاول الانفراد بقرارها¡ أو تحجيم أدوار غيرها¡ بل حاولت في خطاب عقلاني معتدل أن تبني تفاهمات وتحالفات للخروج من أزمات المنطقة التي عانت هي الأخرى من تداعياتها¡ وبالتالي زيارة الرئيس رجب طيب إردوغان إلى الرياض¡ ولقاء خادم الحرمين الشريفين¡ وبحث الموضوعات المشتركة بين المملكة وتركياº هي تأكيد على نهج أنقرة نحو تعميق التفاهم حول القضايا المثارة¡ وثقتها بدور ومكانة وسياسة المملكة في إحلال السلم والاستقرار في المنطقة¡ وتقديرها لجهودها في الحرب على الإرهاب¡ ودعمها للمعارضة السورية المعتدلة¡ والتأكيد على وحدة العراق وعروبته¡ واليمن وشرعيته¡ ولبنان واستقلالية قراره.
الزيارة مهمة في توقيتها قبل اجتماع (جنيف 4) الأسبوع المقبل وضرورة توحيد الجهود لضمان الحل السياسي للأزمة السورية¡ والمرحلة الانتقالية للسلطة¡ ونقل وجهات نظر الأطراف الدولية الفاعلة في حل الأزمة¡ والسيناريوهات المحتملةº بما فيها الحرب على "داعش" في الباب¡ وفلوله في منبج والرقة¡ وما يتبعها من إقامة منطقة آمنة لعودة اللاجئين¡ حيث تمثّل هذه الخطوات انفراجاً حقيقياً للأزمة¡ وطي صفحة "داعش" معها¡ والتفرغ لتقليم وتحجيم نفوذ إيران.
المملكة وتركيا يمثلان وجهاً سياسياً معتدلاً¡ وموثوقاً¡ وداعماً لأمن واستقرار المنطقة¡ وشركاء حقيقيين في الحرب على الإرهاب الذي يعد من أولوية الإدارة الأميركية الجديدة¡ إلى جانب -وهذا أمر مهم- رغبة البلدين في إعادة التوازن الإقليمي للمنطقة بعد سنوات من الإرهاب¡ والثورات¡ والتدخلات الدولية¡ كذلك تعميق الدور والتفاهم السعودي التركي في مواجهة الأزمات السياسية والأمنية المتصاعدة في البلدان الإسلامية.
من جانب آخر يبرز الملف الاقتصادي في زيارة إردوغان إلى المملكة¡ والسعي إلى زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى أكثر من خمسة مليارات دولار¡ والاستثمارات المشتركة التي تجاوزت هي الأخرى ستة مليارات دولار¡ وهي أرقام على أهميتها لا تعكس رؤية البلدين وتطلعاتهما نحو شراكة متعددة الوجوه¡ وتحديداً مع رؤية المملكة 2030¡ وإنشاء مجلس التنسيق المشترك¡ والانفتاح السعودي التركي على رجال الأعمالº للخروج من حالة الركود الاقتصادي¡ وبناء شراكات إستراتيجية للمستقبل الذي يبدو أنه سيكون ربيعاً مزدهراً بين المملكة وتركيا.




إضغط هنا لقراءة المزيد...