منذ سنوات والاعتقاد السائد بأن إنشاء السدود يتم لحماية المدن والقرى وأن من يعتدي على الأودية سينكشف بقدوم مالكها مع نزول المطر ليزيل التعديات على مُلك واضح يتذكر الأجداد حدوده¡ وكثيرا ما رأينا مع زيادة التعديات بإضافة الأودية أو جزء كبير منها للمزارع والمساكن تراخي جهاتنا وتطمين المطالبين بإزالة التعدي -في حال عدم القدرة على ذلك- بأن المعتدي هو الذي سيتضرر عندما تجري الأودية وتزيل إحداثاته! ولكن الواقع كشف أن السدود تنهار بسبب ضعفها أو تركز الضغط عليها بسبب الزحف على مجاري السيول وتبين أن بعض ما نُفذ كمشاريع سدود هو في حقيقة الأمر مجرد عقوم ترابية مغطاة بالإسمنت! في حين أن التعديات صمدت أمام قوة السيول كجدران شيدت جسورها بمواصفات سدود¡ وأن المتضرر الحقيقي هم ملاك المساكن والمزارع الملتزمين بحدود الأودية!.
فمع تكرار مشاهد أضرار السيول وتعثر جريانها بمسارها وارتدادها على المساكن والمزارع تنكشف لنا حقيقة قوة التشييد الخاص لجدار الاعتداء على الوادي وضعف مشاريع السدود التي يخشى على الكثير منها من الانهيار ويتم فتحها لتخفيف الضغط عليها¡ وكثيرا ما رأينا اندفاع السيول باتجاه الجسور والعبارات وإزالتها وغمر المساكن بالمياه لأمتار¡ ونرجع دائما السبب إلى الفشل في تنفيذ شبكات التصريف للأمطار بينما نتجاهل المتسبب الحقيقي بالمشكلة بإيقاف جريان السيول في مسارها الطبيعي مع أن بعضها بمناطق جبلية يتم تصريف أمطارها طبيعيا! بل إن معظم المناطق المتضررة بالسنوات الأخيرة سبق أن شهدت قبل سنوات طويلة سيولاً أكثر ولم تتضرر أو غمرت مساكنها المياه!.
إن المشكلة الأكبر عندما يصمد التعدي ويُشرعن بالتراخيص النظامية بمخططات سكنية وسط الأودية لتؤكد جهاتنا بأن التعدي صامد بصكوك وفسوح وتحول أراضي الأودية لمليارات تباع كأراضٍ سكنية يقترض المواطن قيمتها ليخسر أثاثه ومنزله وأرضه مع احتفالنا بنزول المطر! وقد يعتقد البعض أن ذلك حالات محدودة في حين أنه لو شاهدنا العبارات المغلقة على جوانب الطرق المنفذة منذ سنوات ومنها الدائرية ومداخل المدن لإقامة عمائر سكنية وفلل خلفها لتبين لنا لماذا تغمر المياه مساكننا والجميع يشاهد العبارات المغلقة ويستغرب غمر المياه للطريق وشوارع الأحياء!¡ والغريب أننا نسمع البعض يلقي باللوم بالبناء وسط الأودية مع أن الأرض سكنية مملوكة بصك وبترخيص للبناء¡ ومن هنا فإن مشاريع تصريف السيول أصبحت مطلبا مستحقا يجب أن تنفذ بإخلاص لحماية حقوق من غُرر بهم بتلك المخططات¡ والأهم أن تكون هناك قوة حازمة لإزالة التعديات مهما كانت قوية¡ لأنه مع قوتها يزداد حجم الضرر.




إضغط هنا لقراءة المزيد...