السلام عنوان لا يكتبه إلاّ من كانت مبادئه مقدمة على مصالحه¡ ومبادراته تسبق تردده¡ وهاجسه لما هو قادم أكبر من تحفظه على ما هو قائم¡ وقبل ذلك كله حين تكون الإرادة مقرونة بصدق النوايا¡ واستقلالية القرار¡ وسلامة التوجه¡ وخدمة المجموع الذي يرتكز عليه بقيمه وتسامحه وتعايشه مع الآخر.
مركز الملك سلمان للسلام العالمي بادرة إنسانية حضارية يطل من ماليزيا على العالم ليكتب فصلاً جديداً من العمل المشترك بين الشعوب والحكومات¡ ويلتقي مع هيئات ومنظمات أممية ودولية لها ذات الاهتمام والتوجهات¡ ويعكس رغبة جادة نحو تحقيق السلام الذي غاب عن المشهد في دول عدة¡ وأثقل دولاً أخرى في تداعياته¡ وحمّل العالم مأساة حقيقية من الحروب¡ والنزاعات¡ والخلافات¡ واستغلتها دول لديها طموحات التدخل في شؤون الآخرين¡ وإثارة الفتنة والطائفية والعنصرية بينهم¡ ودعم منظمات إرهابية مأجورة لتعبث بأمنهم ومقدراتهم¡ وتفرض إرادتها الملوثة فكراً وسلوكاً على الحياة المشعة بالأمل والسلام والعيش المشترك.
المركز في توقيته مهم للدول الإسلامية التي تبحث عن محركات تغيير الصورة النمطية عنها¡ وتحديداً في التصدي لخطاب العنف والتطرف والكراهية الذي استشرى بينها¡ وتفعيل دور المؤسسات الرسمية في تقديم الوجه الحقيقي للإسلام دين الرحمة والسلام¡ والمحبة والتعايش¡ وهي الصورة المختطفة من بعض المسلمين قبل غيرهمº بفعل ممارسات ضيقة من الفهم¡ والسلوك المبني على الانعزال¡ وما نتج عنها من تراكمات مخيفة ومأزومة ومثيرة في توجهاتها وخطابها وردات فعلها تجاه الآخر¡ ووصلنا معها إلى طريق مسدود يحتّم الرجوع إلى الدين بأصوله وأحكامه وتعاليمه وقيمه¡ والتمسك بها كثوابت من نور نهتدي بها إلى طريق الخلاص من التطرف الذي هو أساس البلاء.
الملك سلمان يحمل هاجس أمته¡ ويدرك أن وحدتها مصدر قوتها¡ واجتماع كلمتها¡ وسلامة مقصدها¡ ويتحمّل في سبيل ذلك مسؤولياته كزعيم إسلامي تضم بلاده مقدسات المسلمين¡ ومهوى أفئدتهم¡ ومصدر ثقتهم¡ وهذا قدر المملكة حكومة وشعباً أن تكون قلب العالم الإسلامي النابض¡ ورابطته في الأخوة¡ وتعاونه في التنمية¡ والحاضن لمبادراته الإنسانية¡ والشريك في صناعة سلامه وأمنه واستقراره.
مركز الملك سلمان للسلام العالمي محرك جديد في التحالف الإسلامي لمواجهة الإرهاب¡ وأداة مهمة في المحور الفكري لهذا التحالف¡ ونافذة نرى فيها المسلمين على تعدد مذاهبهم¡ وانتمائهم¡ وأعراقهم¡ وأجناسهمº على أنهم يحملون رسالة الإسلام¡ وشركاء في نشر قيمه وتعاليمه¡ وأمناء عليها¡ ومخلصين لها¡ فلا فرق بين مسلم وآخر إلاّ بقدر عطائه لدينه¡ وسلام أمته¡ حيث تقوى العزائم¡ وتنهض الهمم لمواجهة ما هو قادم.




إضغط هنا لقراءة المزيد...