عندما تنقطع الكهرباء وتنعدم الاتصالات وتهتز الأرض وترى الموت أمام عينيك تنتهي المشاعر المزيفة وتعرف معادن الناس. هذا ما حصل باليابان وقت أزمة فوكوشيما عام 2011م حيث رغم الظروف الصعبة والهزات المتواصلة كان اليابانيون يقفون طوابير هادئين أمام البقالات لشراء ما تبقى من مؤن دون قتال. محطات البنزين حددت كميات معينة لكل سيارة ليستفيد الجميع من الكمية المتبقية. البقالات رتبت كميات المياه التي تباع بواقع قارورة واحدة للشخص في اليوم. بعض المباني التي لم تنقطع عنها الكهرباء كالفنادق سمحت للناس بشحن جوالاتها لدقائق محددة ليستفيد أكبر عدد ممكن. الجميل أن هذه الخدمات كانت مجانية! ومحطات البنزين والبقالات لم ترفع الأسعار! بل إن بعض المحلات بادرت لتوزيع المؤن على الناس مجاناً.
وفي ذلك الوقت كان يقطن سبعة طلاب سعوديين مدينة سينداي القريبة من مركز الزلزال. ونتيجة توقف القطارات وتأثر الطرق فقد استغرق إنقاذهم عدة أيام حتى توفير هيليكوبتر من طوكيو لمدينتهم. وفي وقت شح فيه الطعام والماء جاء السيد الياباني (شوجي إيكومي) لطلابنا السعوديين واقتسم معهم الأكل والشراب الذي في منزله والخاص به وأبنائه وبكل طيب نفس. بل وجاءت زوجته لتعتذر لطلابنا عن الهلع الذي أصابهم بسبب الزلزال!
طلابنا من ناحيتهم وعندما عزموا على مغادرة المدينة وجدوا عوائل عربية ومسلمة انقطعت بها السبل فقرروا البقاء وإيثار تلك العوائل لمغادرة المدينة قبلهم وانتظروا حتى تأتي النجدة من جديد! ولم يتوقف الأمر هنا بل قام الشباب السعوديون بتسليم مفاتيح بيوتهم لمسؤول معهد اللغة الذي كانوا يدرسون فيه ليسكنها اليابانيون الذين فقدوا بيواتهم نتيجة الأمواج العاتية (التسونامي).
لم تنته القصة هنا¡ فبعد الأزمة بأسابيع بدأ شباب سعوديون عبر جامعاتهم بالمشاركة في الأعمال التطوعية لمساعدة المنكوبين من تثبيت ألواح شمسية على البيوت المؤقتة ومعالجة آثار التسونامي.
المملكة من جهتها وعبر شركة أرامكو قامت بإرسال كميات كبيرة من الغاز المسال ليستفيد منه اللاجئون اليابانيون في معسكراتهم المؤقتة. وكانت التوجيهات واضحة بألا يتم تسليط الضوء على هذا الموقف وغيره في الإعلام بعكس ما كانت تصنع دول أخرى بالتسابق على الإعلام لإبراز مساعداتها.
وفي العام التالي 2012م زار ولي العهد الياباني المملكة وقدم شكره على وقفة المملكة مع اليابان في تلك الأزمة فرد الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله¡ وكان وقتها وليا للعهد¡ قائلا: " لا شكر على واجب¡ فلم نفعل إلا الواجب تجاه أصدقائنا في اليابان!".




إضغط هنا لقراءة المزيد...