من الظواهر العلمية المعروفة عن النجوم أن شدة التوهج المنبثق عنها تتفاوت بين مجموعة وأخرى¡ فهناك نجوم يشتد وهج نورها أحياناً ويتضاءل أحياناً بصورة منتظمة¡ وقد أطلق على هذه المجموعة اسم المتغيرات القيفاوية¡ لأن أول نجم متغير عرف كان في برج قيفاوس¡ وقد ورد ذكر أول نجم متغير في عام 1596م والثاني في عام 1672م والثالث في عام 1784م¡ ومع حلول عام 1915 اصبح عدد النجوم المتغيرة المعروفة 1687 نجماً. وفي عام 1955م ارتفع هذا العدد إلى 13745 نجماً وذلك بفضل التقدم والاتقان اللذين طرأ على أجهزة الرصد. هذا وقد كان للتصوير القسط الأوفر في الكشف عن هذا النوع من النجوم المتغيرة. وقد اتخذ الفلكيون تغير الاإشراق أو الشذوذ الطيفي وسيلة لتحديد النجوم الحديثة أو القديمة حسبما هو متفق عليه في نشوء الاجرام السماوية. ومن النجوم المتغيرة نجم "الغول" الواقع في برج (فرساوس) وهو في الغالب من القدر الثاني ويتضاءل وهجه تدريجياً حتى يصبح من القدر الرابع في مدة مقدارها ثلاث ساعات ونصف الساعة. ويبقى على حاله هذه حوالي نصف ساعة ثم يعود إلى القدر الثاني في ثلاث ساعات ونصف¡ ويبقى هكذا مدة معينة ثم يتضاءل نوره على النسق المذكور . وهناك نجم متغير يقع في برج (قيفاوس) وهو نجم مزدوج أحدهما أصفر اللون والآخر أزرق سماوي¡ وفترة تغير كل منهما دقيقة ومنتظمة. وقد أجريت دراسات مفصلة للفئات المختلفة من النجوم المتغيرة¡ فنسب الفلكيون ما يحدث من تغير في أقدارها وأحجامها وحرارتها وأطيافها سواء أكان ذلك بصورة منتظمة أو غير منتظمة منسوبة إلى تغيرات طبيعية تحدث في النجوم نفسها. وقد نسب بعضهم رؤية النجوم المتغيرة إلى ظاهرة دورانها على محــاورها¡ وان جانباً منها أقل نوراً من الجانب الآخر¡ وأحياناً يتوسط جرم مظلم بيننا وبينها¡ وأن لها جواً هوائياً وأبخرة تحجب بعض نورها عنا احياناً. وقد رصدت هذه النجوم رصداً دقيقاً نظراً لما تشكله من أهمية كبيرة في قياس الأبعاد الكونية الشاسعة.
وهناك نجوم وقتية تظهر مدة وجيزة لا تلبث ان تزول¡ منها نجم رصده الفلكي (تيخو براهي) في الفترة الواقعة بين نوفمبر عام 1572م ومايو عام 1574م أي لمدة 17 شهراً¡ وقد فاق نجم (الشعرى) و(الزهرة) لمعاناً¡ وظهر في النهار وانقلب بين أبيض وأصفر وأحمر ثم أبيض ثانية. وفي سنة 1604م ظهر نجم لامع مثل (الزهرة) في برج الحواء مدة 15 شهراً¡ وأتى على ذكره الفلكي (كيبلر). وفي سنة 1670م ظهر نجم لامع من القدر الثالث في برج (الدجاجة) وبقي مدة سنتين ثم تضاءل نوره تدريجياً حتى تلاشى تماماً. وقد تأثر الشاعر والفيلسوف أبو العلاء المعري بما كان يسمعه عن النجوم المتغيرة¡ وظهورها بألوان مختلفة وإشراقات ترفعها من قدر إلى قدر¡ فاعطانا صورة شعرية جميلة لا تقل رونقاً عما نشاهده فعلاً بالعين المجردة وذلك عندما قال:-
رب ليلٍ كأنه الصبح في الحســــــــن
وإن كان أسود الطيلســـــــان
قد ركضنا فيه إلى اللهــــــو لمـــــّا
وقف النجم وقفة الحيـــــــران
ليلتي هذه عـــــروس من الزنــج
عليـــها قلائد من جمــــــــانِ
هرب النــــوم عــن جفوني فيـــها
هرب الأمن من فـــؤاد الجبــــان
وكأنّ الهـــلال يهـــوى الثريــــا
فهمــــا للــوداع معتنقـــــــــان
وسهيل كــوجنة الحب في اللـــون
وقلـب المحب فـــي الخفقــان
ضرجته دما سيـــوف الأعادي
فبكـــت رحمة لــه الشعريان
ثم شــاب الدجى وخف من الهجـر
فغطــى المشيــب بالزعفــــــران
إنها صورة شعرية رائعة توضح تغير النجوم في الفضاء, رغم أن الشاعر أبا العلاء لم ير في حياته تلك النجوم المتغيرة في السماء.




إضغط هنا لقراءة المزيد...