يسألني أكثر من صديق عن رؤية 2030. فأجيب صادقاً بأني لا أعرف في الاقتصاد. لكن الذي أعرفه أن الطريق السابق لم يعد ينفع بل كان مضرًا أشد الضرر.
كلفني ملء تانكي البنزين في سيارتي الصغيرة المستأجرة سبعة وعشرين ريالاً فقط. سعر كوب كبتشينو كبير في ستار بكس في كندا. غيبتي القصيرة في كندا جعلتني أصعق. لتملأ نفس السيارة في كندا تحتاج إلى خمسين دولاراً (مئة وخمسين ريالاً). آخذ ابنتي الصغيرة يومياً إلى مدرستها وأتابع ما يحمله الطلاب من جوالات. لم أشاهد صغار السن الكنديين يحملون جوال أي فون 7 أو جالاكسي S7. ابنتي هي الطالبة الوحيدة في مدرستها التي تحمل أي فون. سعودية!! أليس كذلك¿
أذهب إلى أقرب مطعم عربي (لبناني أو سوري) في الرياض. أطلب صحن كباب لفرد واحد وصحن حمص. تحقق من كمية الخبز المهدر. خبزة تحت اللحم وخبزة تغطي اللحم مع كيس خبز تتناوله باليد الأخرى. وكيس خبز آخر مع صحن الحمص. عشرة أقراص خبز مع وجبة فرد واحد. لن تأكل منها أكثر من خبزة واحدة أو خبزة ونصف. بلغة الاقتصاد الأخلاقية التي عرفتها في طفولتي في الرياض: أنت تهدر تسعين في المائة من نعمة الله.
رغم أني أحب أن أتناول مثلوثة بين فترة وأخرى إلا أني توقفت عن طلبها. كمية الفرد الواحد تكفي ثلاثة أشخاص. صرت اتضايق من بقاياها. ثلثي الكمية أرميه في الزبالة. في كل مرة أطلب أكلاً من مطعم في الرياض أحس بالألم. أشعر أني سوف أواجه مشكلة أخلاقية.
سعر الكهرباء في كندا أكثر أربع مرات من سعره في المملكة ومع ذلك تكلفني فاتورة الكهرباء في كندا نصف ما كانت تكلفني فاتورة الكهرباء في الرياض. تم تأديبنا بالسعر. أصبحنا نطفي اللمبة التي لا نحتاجها. لا نترك المكيفات تهدر أربع وعشرين ساعة طوال فترة الصيف. لن تصدقوا عندما أقول: إن الأسعار في كندا أضعاف الأسعار في المملكة ولكن مصاريفي في كندا أقل من مصاريفي في المملكة¡ ومع ذلك لم يختل مستوى الرفاهية في حياتي أو حياة عائلتي بل بالعكس زادت في جيبي مصاريف الترفيه. أصبحت فلوسي لي وليست للهدر الكافر.
اعتقد حان الوقت أن نأخذ الرؤية من جانبها الاقتصادي المحض إلى الفضاء الأخلاقي الذي تربينا عليه. عندما كنا صغاراً كنا نلتقط قطعة الخبز من الأرض ونبوسها ونضعها في مكان نظيف يليق برمزيتها الإنسانية. يهذر الخطيب بخطبة عصماء عن نعمة الله وهو جالس مع ثلاثة من أمثاله على مائدة تكفي ثلاث قرى في الصومال.
حان الوقت أن نعود إلى جذورنا الأخلاقية بالعمل والتنظيم لا بالنصائح الزائفة.




إضغط هنا لقراءة المزيد...