دخلت كرة القدم السعودية في عنق الزجاجة. لم تعد الفوضى الرياضية قضية محلية يتم تسوية مشاكلها بحب الخشوم. أصبحنا جزءا من العالم. كل نشاط محلي له بعد عالمي وعالمية الإنسان تتنامى باستمرار. كثير منا لم يدرك ذلك بعد. يتصرف كأنه يعيش في عزلة الأيام الماضية. في شارع الظهيرة أو حي السبيل. نحن من يسن القوانين ونحن من يطبقها. هذا الأمر انتهى. تريد أن تكون جزءاً من العالم عليك أن تخضع لثقافة عالمية. ثقافة تتفرع عنها قوانين وأنظمة وتقاليد تدلك على حجمك الصحيح.
عندما أنظر إلى صناعة كرة القدم السعودية أحس أني أطل من ثقب على الماضي. فرق ارتجالية مطرزة بديكور عصري يسمى "احتراف". هذا الاحتراف لم يخدم سوى رؤساء الأندية. حضورا إعلاميا وتصريحات وكأنهم رؤساء دول. ثم يخرج من النادي دون أن يتحمل أي مسؤولية عما تركه من خراب خلفه. كسب الشهرة وربما المال أيضا. يعود إلى عمله بعد أصبح من وجهاء المجتمع ونجومه.
بسبب هؤلاء الرؤساء كبرت الفرق السعودية اللقمة. لم نعد ندهش من ضخامة العقود مع اللاعبين. ملايين في ملايين. حتى أضحى مليونان أو ثلاثة ملايين مبلغا تافها. المصيبة أن هذه الملايين لا تتفق مع مستوى اللاعب السعودي. اللاعب السعودي بضاعة محلية وإذا صار دوليا أقصاه دولة الإمارات.
مستوى الكرة في المملكة لا يتفق مع حجم الإنفاق عليها. بدأت الرياضة في المملكة قبل سبعة عقود أو أكثر. اهتمام الشعب السعودي بكرة القدم كبير. لا يضاهيها رياضة أخرى. جهود الناس والحكومة منصبة في مجال الرياضة على هذه اللعبة. لكن لم ينعكس تطورا. صارت الكرة السعودية تتراجع. صراخ في الداخل وغياب كامل في الخارج. منذ متى لم تدخل المملكة كأس العالم. لاحظ أن أقصى طموحنا أن نصل إلى كأس العالم. لا نحلم أن ننافس عليه. منذ متى فازت المملكة أو فريق سعودي بكأس آسيا. الجيل الجديد من جماهير المدرجات لا يتذكر.
تمتلئ الفرق الأوروبية بلاعبين من دول أفريقية متعددة. دول معظمها فقيرة لا تتوفر بها أبسط البنى الرياضية التحتية. لا تغيب الفرق الأفريقية عن كأس العالم وتهدد بانتزاع حقها في الحصول على الصدارة العالمية.
إذا أردنا أن نصف الكرة السعودية يمكن القول إن الفارق بين الاتحاد والقادسية يكمن في حجم الديون وجرأة الرئيس وتهوره¡ ولا علاقة له بالجماهيرية والأصول والشعار. يستطيع أي رئيس ذرب أن ينقل فريق الكوكب للصفوف الأولى بإغراق النادي في الديون.
ما الذي يمكن أن نفعله مع الفرق الغارقة في الديون. يتحمل مسؤولية هذه الديون الرؤساء الذين أسهموا في بلوغ الكرة السعودية هذا المأزق¡ علينا أن ندفع الكرة السعودية لتعود إلى حجمها الطبيعي الذي تستحقه ونبدأ من تحت.




إضغط هنا لقراءة المزيد...