أقضي هذه الأيام شهراً في فانكوفر كندا¡ أحاول مساعدة ولدي الذي يدرس في هذه المدينة في بعض الأمور. ولأنني وجدت فراغاً يسمح لي بقضاء وقت أشعر فيه أنني سائحة أخذت أقلب في الإنترنت أبحث عن الأشياء التي يمكن فعلها في فانكوفر. محرك البحث أرشدني إلى موقع¡ الموقع مقسم إلى نوع الأشياء التي تجذبك وأولها كان الفن والثقافة.
ضغطت الأزرار ووجدت إعلاناً عن عرض موسيقي لعازف فرنسي معروف على البيانو¡ سيعزف مقطوعات لبيتهوفن وهايدن وآخرين. وكان العرض في نفس اليوم¡ في مسرح فانكوفر.
بحثت أكثر عن مكان بيع التذاكر¡ ووجدت أن هناك إمكانية شراء التذكرة من نفس الموقع قبل موعد العرض بساعتين.
العرض كان نهاراً¡ الساعة الثالثة¡ يوم الأحد. يقابل يوم السبت لدينا.
ذهبت مع ولدي الذي وافق على مرافقتي¡ وحين بدأنا في اختيار المقاعد اكتشفت أن المكان ممتلئ تقريباً وأنني محظوظة بالعثور على تذكرة.
تذكرتي كان ثمنها 130 ريالا تقريباً¡ وتذكرة ولدي لأنه طالب كانت بمئة ريال. البائع اكتفى بقولنا: إنه طالب ولم يطالب بالإثبات.
معظم الحضور كانوا كباراً في السن¡ لا يوجد أحد في سن ولدي 19 سنة تقريباً.
استمتعت جداً بالعرض. كان عرضاً منفرداً على البيانو. ساعتان¡ تخللهما ربع ساعة فترة راحة¡ فقط.
لا أعرف كيف مر الوقت بسرعة¡ حين صارت الساعة الخامسة وانتهى العرض لم أكن أتصور أنني أمضيت ساعتين أستمع إلى موسيقى بحتة¡ آلة موسيقية واحدة¡ بدون كلمات¡ بدون آلات مصاحبة¡ بدون بهرجة¡ بدون أي شيء.
موسيقي يجلس على كرسي أمام آلة يرتدي ملابس بسيطة¡ قميص أسود واسع وبنطلون أسود أيضاً. يقف ويحيينا بوجه مشرق وابتسامة واسعة ويطلق أحياناً نكتة سريعة تتعلق بالمقطوعة التي سيعزفها.
كمية التصفيق التي انطلقت بعد أن انتهى تبين كم أن الناس تقدر الفن وتقدر مهارة العازف وتقدر الوقت الطويل الذي بذله هذا العازف من عمره كي يتقن هذا الفن. خرجنا إلى الهواء الطلق وحين نظرت إلى ولدي عرفت أنه رافقني مجاملة لي¡ لا بأس¡ قلت لنفسي: قليلاً من الموسيقى حتى لو لم تكن على هواه تنعش الروح.
أعرف أن للشباب فعالياتهم التي يحبون الذهاب إليها وأعرف أنه لو بحث سيجد الكثير من الأماكن التي يمكنه الذهاب إليها¡ لأنه في فانكوفر.
فكرت مرة أخرى في البساطة التي تم بها الأمر. أنا شخص غريب عن هذه المدينة¡ بحثت عن نشاط ثقافي أقوم به في هذه المدينة الغريبة علي. وجدت عرضاً موسيقياً يقام في نفس اليوم. ذهبت لمكان العرض¡ تمكنت من شراء تذكرة. حضرت عرضاً موسيقياً راقياً ورائعاً¡ وخرجت وأنا أعرف أن المسألة ليست معقدة¡ وتخيلت أنني أحضر عرضاً لعبادي الجوهر يعزف على العود¡ في مسرح النادي الأدبي بجدة¡ وأن التذكرة لا تتجاوز 150 ريالاً.




إضغط هنا لقراءة المزيد...