يقول أحدهم "حين تنفق معاشك بكامله فقط من أجل الطعام.. ومكان للنوم.. في هذه الحالة لا يمكن اعتبار العمل فرصة للتطور الاجتماعي.. ولكن مجرد وسيلة للبقاء على قيد الحياة الحقيقية.. هذا يسمى عبودية.."!
هذه الكلمات تعكس المعنى العامي وهو "يعمل ليعيش" أو ما يأتي يكفي الطعام والشراب والمكان الذي يؤويك فقط.. هذه الصورة لم تتغير منذ بدء التاريخ وتغير الأزمنة.. واختلاف الأمكنة¡ لأن الإنسان هو الإنسان وهو الذي يقوم بالعمل.. يكدّ ويجتهد ويركض.. وقد يأتيه رزقه المكتوب له أياً كان¡ وهو هنا المسؤول عن تنظيم هذا الرزق وكيفية صرفه والتعامل معه.. بحيث إنه سوف يبدأ بالأساسيات من متطلباته هو ومن يعولهم وهي الطعام.. كحاجة أساسية للبشر¡ ومن ثم سوف يوفر المسكن وهو الحاجة الثانية.. وما سوف يأتي بعدها يدخل في نطاق الضرورات أو الكماليات!
ولكن من يخلق حالة العبودية التي يتحول إليها الإنسان وهو يعمل¿ هل هو نمط العمل¿ أم توقف ذهنية الشخص على حدود فهم العمل القاصر والذي هو دخول في دائرة تتسع وتتحرك فيها في مشهد تراجيدي مثل دواليب الهواء¡ ثم تغادرها نهاية النهار دون أي إحساس بالمتعة لما قمت به¡ أو رغبة جارفة للخروج من تكرار العمل التقليدي وممارسته بحب.. أو التصالح مع نفسك والتفكير في طرق أخرى تجعل من العمل متعة!
هذه الذهنية المغلقة التي تبدأ من تفكير الموظف أو العامل وهو يبحث عن عمل بأنه يريد أن يعمل من أجل أن يصرف على نفسه ومن حوله إن كان مسؤولاً.. ويؤمن سكناً يعيش فيه ثم ماذا¿ أين محور العمل هنا¿ هل هو مجرد مكان تدفع فيه النقود من أجل تغطية احتياجاتك الشخصية والطبيعية والضرورية أحياناً¿ وهل هو مكان متغير لا تدين له بالحب أو الولاء فقط ترتبط به من أجل لقمة العيش¿
اسأل شباباً وشابات عن مفهوم العمل وعبوديتهم برضاهم داخله.. هل تحب عملك¿ لا.. إذن لماذا تعمل فيه¿ أكل عيش.. وأريد أن أحصل على راتب يكفي مصاريفي أفتح من خلاله بيتا وأتزوج.. هل يكفي الراتب¿ والسؤال هنا أياً كان الدخل والذي يفترض أن يتواءم مع الشهادة وخبرة الموظف¿ ستجد الإجابة من الرواتب المتوسطة إلى الرواتب المنخفضة بأنه لا يكفي.. ويستهلك في الطعام والسكن وطبعاً في منظومة الحياة الحديثة في فواتير الكهرباء والهاتف والماء والبنزين وكلها مرتبطة بالطعام والسكن.. إذن أين مفهوم التطور العملي وأنت تعمل طوال الشهر من أجل تسديد التزامات يقوم بها جميع البشر بمختلف أشكالهم وأديانهم وأعمارهم وقاراتهم.. وبالتالي أنت من دخلت دائرة عبودية العمل من أجل تسديد متطلبات وليس من أجل تطور اجتماعي يخصك ويرفع من كفاءتك ويجعلك تستمتع بالعمل.. ولكن أنت تعمل من أجل أن تبقى على قيد الحياة تأكل وتشرب وتنام وتتدثر من البرد في مسكنك.. وهذاليس مفهوم العمل وإن كان جزءاً منه.. لأنك ستعيش في دائرة مغلقة تتيقظ وتذهب للعمل وتتسلم راتبك وهو مقنن لما ستصرفه عليه وستعود لفعل ذلك حتى تنتهي من العمل إما بالموت أو التقاعد.. وبعدها لن تعرف هل استمتعت بما تفعل¿ هل تطورت ذاتياً أو ساهمت بشكل فاعل في مجتمعك..¿ أم أن الأهم لديك أنك ظللت على قيد الحياة¿ مثلك مثل ملايين من البشر..¿




إضغط هنا لقراءة المزيد...