مرت أسابيع¡ لا يمكن وصفها بالأشهر¡ منذ انطلاق فعاليات "هيئة الترفيه" بشكل جاد¡ وتزامن معها تفاعل نوعي من قبل "مركز الملك فهد الثقافي"¡ وأقيمت الحفلات والمعارض والملتقيات¡ المؤتمرات والأمسيات. كل شيء كان سلسا¡ يقوم بدور وحيد¡ بث الفرح والحياة في شرايين اللحظات¡ ودواخل الناس.
السعودية اليوم¡ لا تشبه السعودية الأمس. لم يتغير الناس ولا الشوارع¡ ولا حتى المباني أو أزقة الحواري¡ لكن الفكر تغير¡ والإرادة حضرت¡ وفق المظلات التشريعية الرسمية. لم تستحدث المستحيل¡ أو توجد ما هو غريب¡ فقط استجابت للرغبات الشعبية¡ واستعادت أفراحا كانت هنا قبل عقود¡ وغابت لعقود.. لأسباب غير واضحة.
لا زال موضوع "شيطنة المجتمع" يشغلني¡ وأتمنى أن يأخذ حقه من النقاش والدراسات¡ وأعني به وجود جماعة حاولت - ولسنوات طويلة - أن تصورنا بالمجتمع الحيواني¡ الشرس والعدواني¡ المتجرد من الإنسانية¡ وغير القابل للفرح. منذ وقت طويل¡ وهذه الجماعة تحذر من عواقب التفاعل مع الحياة¡ بالألوان والموسيقى والشعر¡ تقول إن هذه الممارسات الطبيعية¡ في المجتمعات السوية¡ هو بداية الدخول في نفق موحش¡ في وقت تركض فيه لمجتمعات أخرى¡ تبحث عن أشياء مشابهة¡ وتحمل معها تبريراتها وتناقضاتها وتخويناتها.
الغريب¡ الغريب جدا¡ ورغم سقوط هذه الفرضيات¡ التي كانت ترسم سيناريوهات الطرق المظلمة¡ والتي تلاشت مقارنة مع النتائج¡ لا تزال تستحدث خطوط فزاعات جديدة¡ تجاه قضايا حديثة¡ ولكن بنفس الأساليب البالية¡ والأدوات المهترئة¡ وبأصوات نفس الأشخاص المتقلبين والمزدوجين.. تستهدف شرائحَ جديدة¡ من المغرر بهم¡ لكن الفرق يكمن في انحصار الانتشار¡ وتراجع تدحرج التخويف¡ وقلة التفاعل¡ مقارنة مع الماضي¡ زمن ما قبل تحطيم قواعدهم الهشة.
المسؤولية¡ كل المسؤولية¡ لم تعد في مساحاتهم. ليسوا هم اللاعبون بمفردهم¡ تسيدوا سابقا¡ لكن الوعي اختلف. الكرة في ملعب الناس¡ بعدما صار الإدراك مهمتهم¡ بشكل أكبر¡ والمقارنة كذلك¡ والتعاطي الجديد. النتائج¡ أو لنقل الحقائق¡ هي الأقدر على الإقناع¡ التفاصيل السردية لم تعد سلاحاً¡ التغلغل في أولويات الناس ومحاولة تهديدها¡ لم يعد مجدياً. أصبح كل شخص يملك جيشاً من الأدلة¡ و"التفنيدات"¡ والأهم أنه لم يعد يكترث.
كل شيء سيتغير¡ هذه طبيعة المجتمعات المتطورة والحية. لكن الأهم¡ لن يفلت أحد من كتب التاريخ¡ وذاكرة الإنترنت! والسلام..




إضغط هنا لقراءة المزيد...