الأوامر الملكية حملت تباشير كثيرة للمواطنين¡ وأكدت أن رفاهيتهم هاجس دائم لقادتهم¡ نام السعوديون ليلة الأحد الماضي وهم في حالة عالية من الفرح بعودة البدلات ومكافأة العسكريين براتبين.. بل شكلت منصات التواصل الاجتماعي عموما والواتس أب خصوصا علامة فارقة يمكن من خلال تحليلها قياس الاتجاهات النفسية والرأي العام للمواطن السعودي¡ الذي يؤكد يوما بعد يوم أنه وطني حتى النخاع.
ويبقي القراران النوعيان هما العلامة الفارقة في تلك الأوامر الملكية المتمثلان في قرار الحزم والنزاهة ومحاربة الفساد¡ بالإضافة للقرار الثاني وهو تأسيس مركز للأمن الوطني يرتبط تنظيميا بالديوان الملكي¡ موضوع مهم جدا وسأعود له في مقال لاحق¡ فالأمن والاستقرار يعني بقاء الدولة ورفاهية المجتمع ونجاح التنمية وتحقيق التقدم.
تفعيل نظام محاسبة الوزراء كان علامة فارقة في مجموع الأوامر الملكية الأربعة عشر أمرا¡ وهي في مجملها مهمة جدا كل في مجاله وأهدافه.. وتؤكد أننا أمام ملك حازم وإنسان في الوقت ذاته¡ ملك في يمينه حد السيف لمن يخطئ¡ وفي الأخرى قلب محب لمن يخلص العطاء¡ نظام محاسبة أو محاكمة الوزراء ليس جديداº بل تم إصداره عام 1380هـ¡ وحسب معلوماتي يمثل هذا الأمر سابقة في تاريخنا السعودي مما يعطيه بعدا تاريخيا مهما¡ وأقصد هنا الإشهار به وإعلانه في وسيلة إعلام رسمية وليس فقط أمرا بالإعفاء.
لن أقف عند اسم الوزير بذاته ولكن تفعيل نظام محاسبة الوزراء الذي كان موجودا ومنسيا يمثل انطلاقة جديدة لعاصفة حزم في الشأن الداخلي لمحاربة الفساد.. لم يكن الأمر إعفاء¡ بل القرار عقاب بسبب تجاوزات تخالف النظام ارتكبها الوزير.. مع تشكيل لجنة في الديوان لاستكمال التحقيق وتحديد بقية متطلبات الأمر الملكي بالتحقيق مع الوزير فيما ارتكبه من تجاوزات.. أمر ملكي يؤكد أن اجتثاث الفساد لم يعد طرحا نظريا¡ بل بات خطوات عملية يتم اتخاذها على أرض الواقع.
محاربة الفساد لم تكن يوما من الأيام في إنشاء هيئة أو تنظيم إداري¡ بل في تفعيل الأنظمة.. حيث العقاب والتشهير بمن يتجاوز النظام أو يعتقد أنه يملك الوزارة فقد بلغ ببعضهم الاعتقاد أنها جزء من أملاكه الخاصة سواء في التوظيف أو تشغيل موظفي مكتبه في شؤونه الخاصة.
في مقال سابق ذكرت أن وجود مؤسسات للمحاسبة دون أنياب العقوبات لن يحقق الهدف منها بمحاربة الفساد ومعاقبة المفسدين¡ فجاء الأمر الملكي ليلة الأحد الماضي ليؤكد أن حراك عاصفة الحزم اتجه للداخل¡ وأنه لم يعد هناك مسؤول في منأى عن العقوبة متى ثبت التجاوز وخيانة الأمانة التي أقسم عليها أمام الله عز وجل ثم أمام ولي الأمر.




إضغط هنا لقراءة المزيد...