رغم تقديم الدولة جميع أنواع الدعم المادي والمعنوي للقطاع الخاص مثل القروض والتسهيلات بشكل لامحدود من أجل أن يسهم مع الدولة في دعم برامج التنمية ومنها مشاريع الإسكان¡ إلا أن مساهمته لم ترتقِ إلى المأمول بالرغم من تضخم محافظ وأرصدة الشركات والبنوك.
السوق العقاري الذي يعد من ركائز اقتصاد الدولة ويلعب دورا كبيرا في تدوير رؤوس الأموال وتشغيلها إلا أن شركاته لم تنجز شيئا يذكر في مجال الإسكان¡ ولم نشهد مساهمة فعلية للقطاع الخاص في زيادة العرض من المساكن رغم الانتعاش العقاري منذ بداية الألفية الجديدة¡ فالشركات العقارية والبنوك والتأمينات والتقاعد لم تقدم ما يذكر وتفرغت لتجارة الأراضي واكتنازها وأصبحت جزءًا من المشكلة.
صندوق التنمية العقاري إلى قبل ثلاث سنوات كان نجما يغرد خارج السرب¡ ورغم أنه قطاع حكومي إلا أنه تفوق بمراحل على القطاع الخاص الذي يملك الموارد والسيولة والمرونة والدعم الحكومي وتحديدا الشركات العقارية المساهمة والخاصة والعائلية وحتى الفردية التي لم تقدم شيئا يذكر طوال عقودº بينما إنجازات الصندوق يشار لها بالبنان وتضاعف أداؤه بعد الدعم الذي تلقاه بزيادة رأسماله عدة مرات خلال السنوات العشر الماضية.
اليوم ومن خلال الخطوات التي اتخذها الصندوق العقاري في تحويل قروض الصندوق العقاري¡ وكذلك وزارة الإسكان من طالبي الدعم السكني إلى البنوك مباشرة فإن الغالبية رفضت التعامل مع البنوك رغم التأكيد على أن الوزارة ستتولى دفع الفوائد المترتبة على القروض. والسبب فوبيا البنوك وأسلوب التقديم عليها وغموض الحسبة وشروط التعاقد التعجيزية والمجحفة التي تضمنها البنوك في عقودها.
الجميع يتساءل أين ذهبت قروض أكثر من 120 ألف مواطن تقدموا للصندوق وظهرت الموافقة لهم¿ بعدما طالبوا بتأجيل استلام قرضهم لعدم توفر أراض لديهم قبل ثلاث سنوات¡ وهذا المبلغ يعادل 60 مليار ريال¡ ولماذا لم يُعطَ لهم بعد انخفاض أسعار الأراضي.
كان الأجدى تخيير المواطنين ممن صدرت لهم الموافقة بين انتظار توفر السيولة لدى الصندوق وتقديم القرض لهم بنفس الطريقة السابقة¡ أو الحصول مباشرة على القرض من البنوك ويتحمل الصندوق فوائدهم ويكون التعامل مع الوزارة وليس البنك. أما من هم في قوائم الانتظار فيمكن تقديم القرض المعجل لمن يريد منهم بسرعة حتى لو كان عن طريق البنوك مع تحملهم الفوائد¡ والفئة الأخيرة التي تحتاج إلى سنوات طويلة بالحصول على قروض البنوك مباشرة حتى وإن كانت بفوائد على أن تكون معقولة¡ هنا يمكن لهؤلاء القبول أو الرفض ويكون الصندوق والوزارة في حل من التزامهما.
أخشى أن يكون الصندوق بعد تحويله إلى مؤسسة مالية نسخة كربونية من البنوك¡ فغالبية المواطنين لديهم تجارب سلبية ومؤلمة معها لذا وجب الحذر والمواءمة في عمله بين دوره الحكومي وأدائه التجاري.




إضغط هنا لقراءة المزيد...