من لا يود أن يشارك فليبق في بيتهº هذه الجملة التي تطايرت بها الركبان على لسان رئيس هيئة الترفيه (وإن كان أشار لاحقا أن الترجمة قد حورت المعنى ولم يقلها) ليست موضع الإشكالية¡ بقدر ما يسترعي الانتباه ردود الفعل حولها.
فالجملة بحد ذاتها أتت في سياق رسمي ترويجي¡ ومن ناحية أخرى ليس هناك أكثر كرامة وعزة للإنسان من منزله¡ فرئيس هيئة الترفيه لم يستعدِ السلطة على الرافضين كونه ممثلا لجهة تنفيذية رسمية¡ ولم يشر إلى أن مثير الشغب ضد الأنشطة سيواجه أمنيا¡ ولم يقل إن تلك الأنشطة ستتم رغم الأنوف¡ نظرا لأنه لم يعد هناك من وقت لمراعاة بعض الفئات وإهدار المزيد من السنين تنمويا¡ ولكنه ببساطة أحال المعترضين إلى خيار الكرامة البشرية¡ دع ما يريبك إلى ما لا يريبك¡ ومكان لا تروق لك أنشطته لا تهدر فيه وقتك.
وهو نفس الخيار الذي قدمه الملك فيصل تجاه تعليم البنات¡ موقف تحتمه طبيعة الممارسة السياسية¡ بحيث يصبح على صاحب القرار مراعاة توازنات التيارات والتوجهات في المجتمع كشرط للاستقرار¡ فجموح تيار للاستحواذ على المشهد¡ وتهميش الآخر¡ وتوظيف أذرع الدولة في هذا¡ ينتج عنه دولة الاستبداد والطغيان!
لذا شعب يعاني من نزيف سنوي هائل في أموال شعبه وتناثر المليارات خارجا¡ في عام 2016 كان رقم الأموال المحلية التي صرفت في الخارج على السياحة 77¡5 مليار ريال¡ كما أن المملكة هي الدولة الثالثة عالميا في نسبة تعداد السكان تحت سن 29..
لذا إذا لم تتحرك حكومة هذا الشعب لمحاولة ترميم النزيف¡ ستصبح هي بدورها موضع تساؤل.
جماعات المنظرجية الذين (يتفنجلون) ويشيرون إلى أن لكل مقام مقالا¡ وأن التعبير قد خان رئيس الهيئة¡ وكان من المفترض أن يراعي بعض التوجهات والتيارات¡ يتناسون أن هذه التيارات لديها تصور ذهني داعشي ناجز ومكتمل في أذهانهم¡ لن يستقروا حتى يحققوه ولن يرضوا عنك حتى تتبع ملتهم.
أما لماذا داست الجملة (فليبقوا في بيوتهم) -والتي نفاها رئيس الهيئة- على لغم لدى البعض¡ فلأن ببساطة الأمر يتعلق بلعبة الكراسي¡ وتغيير بعض المواقع¡ وإفساح حيز لقادم صاحب زخم وجماهيرية في المجلس¡ فهيمنة خطاب فكري على المنابر والمناشط لفترة طويلة¡ جعله من الصعوبة على نجوم ذلك الخطاب أن تُنازع على امتيازات ذلك الاستحواذ¡ وأن تصبح فقرة في برنامج فوق المسرح¡ وليس البرنامج كله¡ من البسملة إلى الختام.
من يذكر المخاضات الصعبة التي مرّ بها المكان كغزوة اليمامة¡ وغزوات الجنادرية¡ ومعرض الكتاب¡ سيعرف بأنها قضية وقت¡ وسرعان ما ستتزاحم الأكتاف عند مواقع بيع التذاكر.




إضغط هنا لقراءة المزيد...