الشعر الشعبي ليس قوالب ولا أشكالاً.. إنه فن الكلمة وابتداع الصورة وإبراز التجربة الشعرية الصادقة التي تتخطّى السطوح إلى الأعماق.. والشعر هو القدرة السحرية على تحويل غير المنظور إلى منظور حي وعلى تحويل الكلمات إلى أضواء باهرة تجدد ألوانها المثيرة كلما تحدد إليها النظر. ولا نجد شعراً يؤثر في المتلقي إلا إذا كان مقترناً (بالصدق)¡ ولذلك نلاحظ قول المستمع: صدق فلان أو صدق الشاعر¡ عندما يستمع إلى شعر يلج في القلب فيقول القائل: صدق الشاعر وهذا دلالة على أن الشاعر قال صدقاً¡ وقد تطرق الشاعر تركي بن نايض بن جويعد الحربي للصدق في إحدى قصائده حيث قال:
دوب استوى للشعر صدق التعابير
وقامت بيوته تعتزي في لحنها
يستنزف الطاقات من دون تأخير
والغالية من بحْرها يحتضنها
تلاقع أفكاره ومنتوجها غير
أصل الجزاله مصدر الطيب منها
قِدمه تداحم فارقه بالتصاوير
وضْحٍ تلاهق غالِيَة في ثمنها
يسوقها اللّي معه حكمه وتدبير
يطوّع الصعبه ويتبع رسنها
والشعراء هم نبراس هذا اللّون الجميل الذين أبدعوا شعرهم بكلمات لامست الوجدان والصدق بروعة الحرف ومشاعر ارتسمت في سطور قصائدهم التي لازالت راسخة ومحفورة في ذاكرة عشاق ومتابعي شعرهم بما فيهم شعراء الرعيل الأول الذين تركوا بصمات في تلك الساحة بقصائد مقرونة بالصدق الذي يعتبر دعامة يرتكز عليها العمل الجيد من الشعر الشاعر: سعد محمد بن تويم السهلي قال قصيدة ربطت الشعر ونظمه ووصف معانيه: في قصيدة قال فيها:
الشعر نتعب عليه ونطرق بْحوره
وترضي به أذواق نقّاده وجمهوره
وْما نِطلع إلا مطاليعٍ تشرّفنا
بأبيات شعرٍ مع التاريخ محفوره
نوادرٍ كلّها جزلات وِمتاني
مثل الذهب سعرها في الشعر مذكوره
أنحت بها في صخر وأجيب نادرها
وأرسي بها فوق متن طْويق وصخوره
وْمانيت من يكتب بْيوته على الماشي
يِشوتَها شوت لجل يْثبت حْضوره
والشعر يسمو مجاله لا انفتح بابه
أغراضه محدّده تِعْرَف ومحصوره
فالصدق هنا يعتبر دعامة يرتكز عليها العمل الجيد من الشعر.. والشعر الذي يتوافر فيه الصدق هو فيض عواطف ومكنون نفس يستأذن في الخروج¡ فيؤذن له عن طريق نظمه في سلك اللّغة التي توصله إلى المتلقى.. فهذا النوع من الشعر يصنعه الشاعر رغبة في قوله ليخفف آلامه النفسية أو يريح نفسه مما تعاني من موقف من مواقف الحياة المختلفة ومن الصدق ما يكون حقيقياً مطابقاً للواقع فهذا النوع يؤثر في النفوس لأنه يعبّر عما تعانيه نفس المتلقي فيرتاح المستمع أو القارئ للحقيقة حتى يجدها مقرونة بالصدق¡ الشاعر عبدالعزيز بن حمود الحربي - رحمه الله - ربط بحور الشعر وفنونه ووصفه لتعابيره وفنونه حيث قال:
سريت بأفكاري على حلم مشحون
بالعاطفه فكري سرى في سبيله
ساعة سمعت أشعار عذبات ولحون
من شاعرٍ بالشعر يندر مثيله
مثايلٍ فيها تعابير وفنون
وسحر البيان مْن المعانِ الجميله
نظم الحكيم اللّي نظمها بقانون
بجزل البيوت اللّي وفاها بكيله




http://www.alriyadh.com/1667528]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]