الخط العربي يحمل في داخله نظريات وطرزاً معمارية هندسية وفنية¡ كما أنه يحمل مكنوناً فلسفياً وعقائدياً وفنياً¡ كما تلك الطرز المعمارية بها ما يكفي للولوج إلى حديقة الوجدان وخاصة الشخصية العربية منا¡ والتي هو منها¡ فهي منبته ومرتع صولاته وجولاته..
دائما نتدارس في كل الفنون وفي التشكيل في الفراغ وحتى في الكتابة عن كلمة خط. فمن منا يجهل معنى كلمة الخط. فهو أول لثمة يلثمها القلم للورق منذ أن خلق الله الإنسان على وجه الأرض¡ ولذا أصبح الخط في متلازمة حقيقية مع وجود الإنسان¡ كما هي متلازمة القلم ذاته.
ولكن مما يزيدنا ألقا وشرفا ورفعة أن هناك صنفا جليا له سماته وخصائصه ووجوده وأركانه ومميزاته على المستوى العالمي وعلى مستوى الإرث الإنساني أيضاً¡ وهو الخط العربي¡ والذي اشتق اسمه من هويتنا ومن سماتنا¡ فوضعنا على ذات المستوى الفني العالمي وفي مدارج فنونه.
ألا نشعر بالنشوة وبالزهو¡ بأن العالم العربي الآن يحتفل بفن من فنونه¿ أم أننا لا ننظر دائما سوى للنصف الفارغ من الإناء¿!
الخط العربي يحمل في داخله نظريات وطرزاً معمارية هندسية وفنية¡ كما أنه يحمل مكنوناً فلسفياً وعقائدياً وفنياً¡ كما تلك الطرز المعمارية بها ما يكفي للولوج إلى حديقة الوجدان وخاصة الشخصية العربية منا¡ والتي هو منها¡ فهي منبته ومرتع صولاته وجولاته.
هل أدركنا جميعا ذلك البعد المعرفي بين ثنيات الخط العربي وماهي فلسفته¿ أم أننا نتلقاه فقط من منظور أنه فن كتابة¿ سؤال مشروع يلج بنا إلى عمق هذا الفن النادر والرائع.
كنت في السنة الأولى من الدراسة الأكاديمية حينما قال الدكتور جمال قطب رحمه الله: إن الفنان التشكيلي والمنظِّر العالمي (هربرت ريد) حينما سئل عن البعد الخامس وأين يوجد¿ وذلك لأن آخر ما توصل له العلماء هو البعد الرابع فقال: في الخط العربي!
ومنذ تلك السنة وأنا أبحث عن سمات البعد الخامس وما هي مواصفاته¿ وأين يكمن¿ وماهي طرائقه ومدارجه¿ حتى تكونت لدي نطرية البعد الخامس¡ والذي يمثل الخط العربي أحد أركانها كما قال (هربرت ريد)¡ وهنا تجلت لنا تلك المعالم والخصائص للخط العربي¡ (وهي البعد المسطح¡ العقيدة¡ إثارة الخيال) وذلك ما يسمح عن طريق التسرب الانفعالي بالانزلاق إلى الوجدان تاركا لنا متعة التلقي¡ متخذا من الفن الإسلامي كل سماته.
إنها جماليات الخط العربي الذي يحمل في ثنياته فلسفة الشخصية العربية¡ وهويتها لكي تتميز فيتسنى لها حمل الـ (هو. هو) وهو أصل مصطلح الهوية!
فالفن الإسلامي في خاصية الابتعاد عن التجسيد¡ وهو ما اعتبره المسلمون نوعاً من التشبه بالشخصيات الدينية وانتفاءً لمبدأ تجسيد الشخصيات الدينية¡ خوفاً من الفتنة بها فرغم دخول الكثيرين في الدين الإسلامي وإتقان تقنيات فنية إلا أن الفن الإسلامي تميز بالزخرفة اللونية والأشكال الهندسية المجردة وقدم الطراز الإسلامي كطراز معماري يتميز بالنقوش والزخارف¡ ودخلت فيه بعض عناصر الطبيعة مثل النباتات والمقرنصات والعقود المدببة والمحدبة والمشكاوات¡ وغير ذلك¡ وهي جميعها تحتوي على نقوش مسطحة أقرب إلى التجريد ولا تحتوي على أكثر من خط واحد تظهر بجلاء في جماليات الخط العربي الذي يعتمد اعتماداً كلياً على الأبعاد العقائدية والروحية¡ والتي يتجلي فيها ما يسمى بالبعد الخامس. فيقول الدكتور والفنان التشكيلي جمال قطب: البعد الخامس يعتمد اعتماداً كلياً على العقيدة¡ والوجدانيات ويتجلي بوضوح فى جماليات الخط العربي¡ وهذا ما أكده (هربرت ريد)¡ والذي دافع دفاعاً مستميتاً عن هذا البعد.
أذكر أن الفنان الكبير صلاح طاهر رحمه الله قد عمل معرضا فنيا طاف به العالم فقط مكون من كلمة (هو)¡ وحينها نفذت لوحاته قبل أن يعود إلى وطنه!
ألا نعتبر أن الخط العربي وجمالياته وفنونه من تراثنا ومن مفردات حضارتنا¡لكي نحتفل به قبل العالم كله¿
لقد احتفت وتبنته المنظمة العربية للتربية والثقافة عام 2013 وخصصت له يوما سنويا للاحتفاء به عربيا¡ فلماذا لا تسعى المؤسسات العربية إلى جعله يوما عالميا كسائر الفنون والحضارات الإنسانية¿
إن لدينا في المملكة فنانون عظام حضرت معارض بعضهم في القاهرة وراقني ذلك النضج الحضاري في جماليات فنونهم بالخط العربي¡ كما أن في جميع أرجاء الوطن العربي الكثير من هؤلاء الفنانين الذين يحتاجون إلى الدعم والرعاية والاحتضانº ومن المعلوم أن الأليسكو تحتفي بيوم الخط العربي في الرابع من شهر إبريل من كل عامº فشكرا للأليسكو وشكرا لمعهد المخطوطات العربية الذي سعى في هذا الشأن وننتظر اليوم العالمي بإذن الله.




http://www.alriyadh.com/1673282]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]