قد يكون عنوان المقال مثيراً للجدل نوعاً ما¡ ولكن دعوني أروي لكم قصة قصيرة حدثت لأحد الأشخاص. خالد يعمل في إحدى الشركات بوظيفة عادية قريبة من وسط الهيكل¡ وكان يوماً ما يتمتع بإجازته السنوية¡ فإذا بهاتفه يرن: خالد احضر غداً للعمل¡ لديك مقابلة لتكون مديراً.. "يا رجل!!"¡ انتهت المكالمة المستغربة ذات المنهجية المستهجنة وخالد تلوح في أفق سمائه عدة تساؤلات¡ لماذا أنا¿! وكيف تم الاختيار¿! وبناءً على ماذا¿!
هذه القصة بصورتها الحالية أو بهيئاتها المتعددة تحاكي ما يدور في أروقة بعض المنظمات عند اختيار وترشيح الموظفين للمناصب القيادية¡ فمنهم من يعتمد على استراتيجية "يمدحون فلاناً"¡ ومنهم من يصل رحمه عبر الوظيفة القيادية لقريبه¡ وآخرون بناءً على العلاقات داخل محيط العمل والتركيز على الموظف البار بهم والذي لا تفارق لسانه عبارة "سمعنا وأطعنا". فعجباً لأمر هؤلاء! أليس لديكم أهداف لتعملوا على تحقيقها¿ أليس لديكم خطط لتنجزوها¿ أليس لديكم نتائج وأرباح تسعون لنيلها¿ إذاً كيف لكم أن تنشدوا ذلك الفلاح في ظل منهجية التنصيب لمواقع صنع القرار بناءً على المحاباة والقرابات¡ وليس باستثمار الكفاءات والجدارات¿
أصبحت المنظمات في ظل التنافسية العالية على كافة المجالات والأصعدة على المحك¡ وبات دور القادة محور الارتكاز وعصب النجاح¡ وهو ما يدفع إلى ضرورة صناعتهم في وقت مبكر وفق متطلبات الحقبة الحالية وأدوات اللعبة الذكية. إذ لابد من السعي الحثيث على بناء الصف الثاني والثالث من الكوادر البشرية في المؤسسات لشغل المقاعد القيادية وخاصةً الحرجة منها¡ وذلك الأمر لا يتم إلا عبر تبني الإدارة مبادرات مخصصة مثل مراكز إعداد القادة التي تشمل أنشطتها البحث عن المواهب البشرية وإعادة التدوير للموظفين وفق المهارات¡ والتدريب على المستجدات في مجال العمل والاطلاع على التجارب القيادية الرائدة¡ وكذلك وضعهم على محك الاختبار التجريبي في مهام مختلفة لصقل قدراتهم وتحسين أدائهم.
وعلى صعيد آخر نجد بعض المنظمات تفتقر لوجود مخطط واضح ومرسوم للمسار الوظيفي وفق الهيكل التنظيمي¡ وهذا الأمر يلقي بظلاله من انعكاسات سلبية على الموظفين تكمن في ضعف الدافعية للعطاء كون اتجاه الترقية مجهول المعالم¡ والمستقبل الوظيفي يركن بيد رأي المدير¡ وفي المكان الذي يراه.
أختم بقولي: إن الموظف - حتى وإن كان مستوى الجدارة عالياً لديه - لابد أن يتدرج في المقاعد الوظيفية¡ وهذا التدرج يرفع من ثقل وزن الخبرة الذي يجعله راسخاً في صعود السلم¡ لا أن يثب قفزاً من الأسفل إلى أعلى بحمله الخفيف كالطير¡ فقديماً قالوا: ما طار طائر وارتفع إلا كما طار وقع.




http://www.alriyadh.com/1720376]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]