حين يغوص الإنسان في أعماق الفكرة¡ ويراها من وجهة نظره الحقيقة التي طالما ينشدها في حياته¡ حينها يكون مؤمناً بها¡ ولا يتبقى من أمرها إلا التطبيق على أرض الواقع. لكن الأفكار متعددة المزايا ومتنوعة في مجالاتها¡ نجد منها صحيحة تدعو إلى الخير¡ وعلى النقيض منها غير صالحة وتدعو إلى الشر. وربما نجد أفكاراً في ظاهرها خير للبشر¡ وبعد تطبيقها على المجتمع نكتشف انتكاسات متوالية تعيدنا إلى الوراء.
الفحص الشامل لكل أمرٍ ودراسة الظاهرة بكل أبعادهاº ينجينا من كوارث لاحقة¡ ونكتشف بواطن المشكلة الأساسية.
حادثة اغتيال ولي عهد النمسا عام 1914 من قبل أحد مجرمي الصرب. نتجت عن هذه الحادثة تحالفات سببت اشتعال أول حرب كونية راح ضحيتها من البشر الملايين¡ رغم أنه تم الإمساك بالمدعي حينها¡ ولكن الفكرة كانت متشعبة في عقول جميع الأطراف المتحاربة ما قبل الحادثة¡ فوصلت ذروتها بعد الجريمة لتعلن تطبيقها على الملأ.
هذا المثال يأخذنا إلى ما نحن عليه اليوم بعد وفاة جمال خاشقجي¡ فهو فرد واحد¡ وقُتل في قنصلية تابعة للسفارة السعودية في تركيا¡ وبذلت القيادة السعودية الجهود لكشف الملابسات حتى وصلت إلى نهاية المطاف بكشف المسؤولين عن الاغتيال¡ واتضح أنهم سعوديون¡ والأمر متروك للقضاء السعودي في الحكم عليهمº أي أن الموضوع خرج عن الإطار السياسي¡ وأصبحت القضية سعودية¡ ولا مجال لأي دولة في تسييسها وتدويلها¡ فالقضية انتهت بكل سرعة.
لكن الذين يريدون الاصطياد في المياه العكرة لهم دوافع ونوازع سيئة تجاه المملكة من قبل مصرع خاشقجي¡ فقطر وجماعة الإخوان المسلمين وبعض المتربصين في تركياº لهم فكرة آمنوا بها¡ وهي تقسيم المنطقة لمصلحتهم¡ وتفكيك إرادة المملكة¡ فهي الجدار المنيع في الوقت الراهن ضد كل مخططاتهم ومشاكساتهم¡ فأفكارهم يرونها صالحة للأمة الإسلامية¡ ولكن لو تمعن الإنسان العربي فسيجدها تجلب جميع الكوارث كما حدث في الحرب العالمية الأولى.
إذن علينا قراءة ما تحيكه دويلة قطر الصغيرة عن إعلانها القاضي بتشكيل تحالف خماسي مكون من العراق وإيران وقطر وتركيا وسورية¡ وعلى أن العراق يحافظ على توازنه في علاقاته الدولية.
أليست هذه مؤامرة¿! ولماذا جاءت بعد اغتيال خاشقجي¿! الفكرة التي آمنوا بها تحتاج إلى فتيل لإشعالِها. لو أن هذا التحالف أُعلن قبل حدوث الجريمة فلن يقتنع الجميع¡ خاصة أن الفكرة جاءت من دويلة هامشية لا وزن لها عالمياً. مما جاء الرد العراقي من قبل قوى سياسية رافضة للمقترح القطري.
قطر لا تعي مفهوم الفلسفة السياسية¡ فبتحالفها المزعوم نست تماماً ما حدث بالعراق¡ وهذه نقطة محسوبة في خطئها الأول¡ وأما خطؤها الثاني فكيف تجمع بين سورية وتركيا بعد كل هذه الخلافات المتصدعة بينهما.
خلاصة الحديثº قطر تلعب بالنار¡ وتريد أي هفوة صغيرة في المنطقة لتضخمها في إعلامها¡ كما هو حاصل اليوم في قضية خاشقجي.




http://www.alriyadh.com/1720379]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]