عندما تطلق روحك إلى فضاء المعرفة وتحلق بين المعلومات سوف تجد نفسك تحررت من جميع القيود التي كانت راسخة يوماً ما في عقلكº والتي كنتَ تدافع وتنافح من أجلها¡ فقد تلاشت أمامك اليوم.
لكن ربما تنقل نفسك من أفكار قديمة إلى أفكار أكثر تطرفاً¡ وهي بلا شك جديدة بالنسبة إليك¡ بحكم لم يسبق لك التعرف عليها. كالأيديولوجيات القديمة الماركسية منها والفاشية.. إلخ. من عقائد لها سلبياتها أو قل عدم نضوجها بما يسمح لها أن تخوض غمار السياسة أو تتخذ من أمرها مخرجاً لترقي المجتمعات.
هذه نبذة بسيطة على الصعيد السياسي والاجتماعي¡ لكن ماذا عن الجانب الثقافي والأدبي وكذلك العلمي¡ فهناك نماذج كثيرة منها تنحاز للتعصب والتطرف كالنظرية الداروينية التي سلكت جانباً من التمذهب والشدة في فرض أطروحتها على المجتمع حتى لو بوسائل كاذبة¡ كوجود حفريات قديمة وهي بالتأكيد خدعة مبطنة¡ وأنا هنا لا أنفي هذه النظرية من الزاوية العلميةº وإنما تحمل جانباً من الخطأ كما تحمل جانباً من الصحة.
مسألتنا في هذه الحياة ليست مع المتطرف في الدين وحسب¡ وإنما مع بعض المثقفين والمتعلمين الذين يرفضون الطرح الثقافي الجديد ولا يسمحون لنا بالتنوع الثقافي والأدبي¡ فكل همهم التمسك بالأصول والقوالب الأساسية¡ وبهذا الأسلوب الخطير أجهضوا العقل البشري بهذه الأغلال¡ لو كانت هناك فسحة من التحديث الثقافي والأدبي وأيضاً على صعيد اللغة لوجدنا مواهب مبدعة في الفكر والأدب.
عندما تسأل القراء عن أهم الكتب التي يتذوقونها بكل شوقº ستجد في المرتبة الأولى الرواية والقصة القصيرة¡ ثم بعض الأفكار الشاطحة أو الفلسفات الغريبة¡ بهذا السؤال البسيط نكتشف أن القارئ يحب التنوع ويكره التكرار وهذا الشيء يجده دائماً في القصيدة العربية خاصة العمودية¡ الكلاسيكية فيها قوالب وقوانين صارمة أضاعت الفكرة الجوهرية.
فعصرنا اليوم ليس كعصر امرئ القيس وعنترة بن شداد أو المتنبي وجرير وغيرهم من شعراء قدموا نماذج رائعة¡ عصرنا مختلف عنهم وإن كتبنا مثل أسلوبهم فلا أسميه إبداعاً بل تقليداً لا أكثر ولا أقل¡ فكلما جددنا في النص كلما جذبنا القارئ أكثر.
والهدف من ذلك¡ الابتكار الجيد والفكرة الواضحة والناضجة بعيداً عن القوانين التي تثقل فكرة النص وتشوهه¡ فالمتشبثون بالماضي لا يرون جمال الشجرة إلا من خلال جذورها بالرغم أن الجذور هي كالأغصان فروع لا أكثر ولا أقل¡ وإنما أساس الشجرةº البذرة التي انفلقت واختفت تماماً¡ كي تبهرك بجمال الشجرة¡ نعم نهتم بالأساس وندرسه ولكن لا نعيد تجربته¡ وإنما نبتكر أشياء جديدة من خلاله¡ فبعض المزارعين طوروا الكثير من البذور وأنتجوا لنا أشجاراً جديدة نتلهف لرؤيتها العجيبة¡ بهذا نترك المبدع يبدع لنا أشياءهُ الجديدة مع مراعاة مدى منفعتها وجمالها¡ فهناك أشياء كثيرة تنتظر من يكتشفها في عالمنا الذي يزداد نمواً وتطوراً.




http://www.alriyadh.com/1746526]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]