لا ينفك الروائي جورج مارتن من وضع دبوس على شكل سلحفاة أرجوانية على قبعته أو بدلته الرسمية¡ سواء كان يحضر حفلا عابراً أو يتسلم جائزة مرموقة! فلما ترك تنانينه النارية أو تلك المخلوقات العجيبة التي ابتدعها في رواياته المختلفة¡ واكتفى بهذه السلحفاة الخيالية!
يكاد مارتن يعتبر الكاتب المتربع حالياً على عرش روايات العوالم البديلة الخيالية¡ فقد هرب من ضيق كتابة الشاشتين الصغيرة والكبيرة إلى فضاء الروايات الضخمة¡ ليتمكن من كتابة ما يتخيله من أحداث جامحة¡ ومئات الأبطال¡ والحروب التي لا تنتهي¡ التي أضحت سبباً في عودته مظفراً إلى عالم الإنتاج الفني وبشروطه¡ ومنها سباعيته الضخمة "أغنية من ثلج ونار"¡ التي اقتبست منها الدراما التلفزيونية الشهيرة "صراع العروش"¡ ويعود لها الفضل في تضاعف متابعيه وانتشار أعماله الأدبية¡ غير أن المثير في الأمر أن مارتن يفصح دوماً عن أن شرارة فكرة هذا العالم الروائي الفسيح كانت من سلاحفه الصغيرة¡ التي كان يربيها في مسقط رأسه¡ حينما كان طفلاً قبل أكثر من ستين عاماً.
كان يعيش مع أسرته في مسكن حكومي بولاية نيوجيرسي¡ الذي كان تُمنع فيه تربية الحيوانات الألفية من كلاب أو قطط¡ فاضطر بدلاً من ذلك إلى ابتياع بضع سلاحف صغيرة من متجر محلي¡ وتربيتها في غرفته¡ فوضع في البداية سلحفاتين في علبة معدنية قرب سريره¡ وكان يعتني بهما أشد العناية¡ ويضع لهما طعاماً مخصصاً للسلاحف¡ وكان يعتقد أنه يقوم بكل شيء على أتم وجه¡ رغم ذلك ماتت السلاحف¡ ولم يستطع مارتن الطفل اكتشاف سبب موتها كل مرة! "بالطبع من غير الممكن أن يكون موتها بسببي" على حد قوله¡ بل إنها كانت ملوكاً وفرساناً يتآمرون على بعضهم بعضا¡ ويحاربون بعضهم بعضا¡ يتنافسون من أجل الجلوس على عرش القلعة¡ والفوز بلقب ملك السلاحف!
هذه الأحلام والتخيلات الطفولية كانت البذرة الأولى لما عرف لاحقا بعد عقود عديدة بصراع العروش¡ تحوّلت السلاحف وصراعها إلى تعويذة سحرية¡ ألهمت مارتن لإبداع آلاف الصفحات من الصراع بين الأسر والممالك على العرش الحديدي¡ وأضحت هي تعويذته التي يتفاءل بها أينما ذهب.
لكل منا "تعويذة" تلهمه المستقبل¡ وتحفزه نحو تحقيق الإنجاز¡ غير أننا نختلف في أن القلة هم من يكتشفون تعويذاتهم¡ ويجعلونها تتجلى دوماً أمامهم¡ تحثهم على تجاوز التحديات وتحقيق الهدف... ابحث عن تعويذتك!




http://www.alriyadh.com/1759670]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]