منذ انطلاق رؤية المملكة 2030 والإنجازات تتوالى تباعًا على الصعيد الدولي وما ذلك إلا نتيجة عمل القيادة السعودية الحثيث في تحقيق معايير ومتطلبات المنظومة الدولية من اجل أن تصبح المملكة بيئة جاذبة لكل مقومات وعناصر التنمية المستدامة التي تحقق الرفاة للمواطن السعودي وفي ذات الوقت تتحول بشكل منضبط إلى كيان قادر على المساهمة في تحقيق الاستقرار والسلام حول العالم¡ ومن أهم هذا المتطلبات مراجعة التشريعات بما يتوافق مع تحقيق قوانين وبرامج المجتمع الدولي.
كان من آخر هذا الإنجازات العظيمة عضوية مجموعة العمل المالي «فاتف» كأول دولة عربية تحصل على هذه العضوية وذلك في الاجتماع العام للمجموعة الذي عقد في مدينة (أورلاندو) بالولايات المتحدة الأميركية خلال الفترة من 19 إلى 21 يونيو الجاري. هذه العضوية تعد اعترافاً من قبل المجتمع الدولي بالخطوات الكبيرة التي اتخذتها المملكة في تنفيذ تشريعات وإجراءات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب¡ ومكافحتها على كافة الأصعدة في المؤسسات الحكومية والقطاعات ذات العلاقة في المملكة.
مجموعة العمل المالي (فاتف) هي منظمة دولية أُنشئت في عام 1989 تتمثل مهامها في وضع القواعد العامة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل انتشار التسلح وتعزيز تنفيذها¡ والتهديدات الأخرى ذات الصلة بنزاهة النظام المالي الدولي¡ وقد أصدرت هذه المجموعة (أربعين) توصية خاصة بمكافحة جرائم غسل الأموال¡ وثمان توصيات خاصة بمكافحة جرائم تمويل الإرهاب¡ وفي عام 2012م تم دمج هذه التوصيات في (أربعين) توصية شاملة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب¡ وهذه التوصيات هي المعيار التي تعتمد عليه في تقييم الدول ومدى فاعليتها في مكافحة هاتين الجريمتين¡ ولا يمكن لأي دولة الانضمام لعضويتها إلا بعد تأكد المقيمين الدوليين التابعين للمجموعة من التزامها بكافة المعايير المحددة من قبلهم¡ وقد خضعت أغلب الدول لتقييم الـ(فاتف) إلا أنه لم يفز بعضويتها ويحقق المعايير سوى (39) دولة فقط.
هذا الإنجاز الكبير في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب سبقه عدة إجراءات وقرارات صدرت بهذا الشأن لعلي أوجزها في النقاط التالية:
1- اعتماد العقوبة المغلظة للإرهاب حسب فتوى هيئة كبار العلماء رقم: (148) لعام 1409هـ والتي أكدوا فيها أن الشريعة الإسلامية ترى الإرهاب عدوانًا وبغيًا وفسادًا في الأرض لأنه حرب ضد الله ورسوله وخلقه.
2- اعتماد التوصيات الأربعين الصادرة عن مجموعة العمل المالي (فاتف) لعام 1990م¡ والموافقة على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة (باليرمو 2000م) والاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2000م.
3 - الانضمام إلى مجموعة العشرين التابعة لصندوق النقد الدولي والتي توصلت إلى عددٍ من التوصيات من أجل التصدي لتمويل الإرهاب وغسل الأموال¡ وتتضمن تجميد الأصول المالية للإرهابيين ومنع تمويلهم¡ وتعزيز تطبيق المعايير الدولية الملائمة لمكافحة تمويل الإرهاب وغسل الأموال.
4- الموافقة على القانون الموحد لمكافحة غسل الأموال لدول مجلس التعاون الخليجي الصادر بتاريخ 15 /10 /1422هـ والتوقيع على الاتفاقية العربية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب الصادرة عن جامعة الدول العربية عام 2010م.
5- أصدرت وزارة التجارة وهيئة السوق المالي ومؤسسة النقد العربي السعودي العديد من القواعد والإجراءات للشركات والمؤسسات المالية والتجارية والأنشطة المهنية¡ والتي تهدف لمكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
6- تشكيل لجان دائمة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب من جميع الجهات الحكومية المعنية وهي (وزارة الداخلية - وزارة الخارجية- وزارة العدل- وزارة المالية- وزارة التجارة- رئاسة أمن الدولة- مؤسسة النقد-الجمارك- هيئة سوق المال).
7- إصدار نظام مكافحة غسل الأموال بالمرسوم الملكي رقم م/39 وتاريخ 25 /6 /1424هـ وجرى تحديثه بموجب المرسوم الملكي رقم: (م/31) وتاريخ 11 /5 /1433هـ¡ وأخيرًا جرى تعديله وتطويره بموجب المرسوم الملكي رقم: (م/20) وتاريخ 4/2/1439ه واصدار لائحة خاصة به بموجب قرار معالي رئيس أمن الدولة رقم: 14525¡ وتاريخ 19 /2 /1439هـ ليتوافق مع التطورات التي تواكب آلية ارتكاب هذه الجريمة وسبل مكافحتها.
8- صدور نظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله بموجب المرسوم الملكي رقم: (م/16) وتاريخ 24 /2 /1435هـ وتحديثه والتعديل عليه بموجب المرسوم الملكي رقم: (م/21) وتاريخ 12 /2 /1439هـ وصدور اللائحة التنفيذية الخاصة به بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 228 وتاريخ 2 /5 /1440هـ .
9- تكوين محاكم قضائية خاصة تنظر في القضايا الأمنية المرتبطة بالإرهاب وتمويله.
10- تدريس مادة مكافحة الإرهاب في بعض المناهج الدراسية في الجامعات والكليات والمعاهد الأمنية¡ وكذلك عقد الدورات والحلقات العلمية المكثفة في المؤسسات العلمية الأمنية التابعة لوزارة الداخلية.
11- المملكة وبالشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية إيطاليا ترأس مجموعة عمل التحالف لمكافحة تمويل تنظيم داعش¡ وهي إحدى مجموعات التحالف الخمس التي تم إنشائها عقب اجتماع دول التحالف في يناير في مدينة لندن.
12- الدعوة لإنشاء المركز الدولي لمكافحة الإرهاب بالأمم المتحدة والذي تم دعمه بمبلغ (110) مائة وعشرة ملايين دولار أميركي¡ ودعم مجموعة ايقمونت (وهو منتدى دولي لوحدات المعلومات المالية) بمبلغ عشرة ملايين دولار أميركي.
ومن خلال هذه الجهود المبذولة من قبل المملكة لمكافحة هاتين الجريمتين يتضح بأن الحصول على عضوية «فاتف» لن يكون الخطوة الأخيرة¡ فالسعودية ممثلة بقيادتها الرشيدة ملتزمة تماماً بأداء دور رئيس في تعزيز الجهود العالمية المشتركة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب¡ والتي تتعاون فيها مع شركائها وحلفائها على الصعيدين الإقليمي والدولي.




http://www.alriyadh.com/1762909]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]