لاتمر فترة إلا وترى مشاهد وصور الإسراف في الولائم¡ والفوائض في الطعام¡ وكثافة الهدر.. أرقام هائلة ونسب خطيرة سجّلت علينا في الهدر الغذائي¡ وتصدّرنا في مسألة التبذير والإسراف.
باسم عادات اعتقلت عقولاً خشنة¡ وقلوباً معطلة¡ وأحاسيس باردة¡ تحولت مشاهد البذخ والبطر في عرض الموائد¡ وتدسيم الصحون إلى سنة اجتماعية -أحسبها سنة سيئة- تبدل فيها الكرم المندوب إلى فعل محرم ومكروه.
"اتصل على إطعام أو إحدى مبرات وجمعيات حفظ الطعام"¡ عبارة يرمي بها صاحب الوليمة بعدما يرى ويجد الصحون ممتلئة بالفائض.. فكانت معضلة التخلص من ذلك تمثل هماً وغماً على صاحب المناسبة فيشقى بأمر وكيفية التخلص منها.. لذا رأينا صحوناً يفرغها عمال المطابخ والمطاعم في حاويات النفايات¡ أو ترمى في الخلاء فتكون كالشحن متفرقة.
أما ما تشهده الزواجات والولائم والحفلات النسائية.. فأظن أن "للنساء فيما يعشقون ولائم"¡ تتحول عند بعض الطبقات والمستويات الاجتماعية إلى حالة من التحدي والمنافسة للفوز بأكبر ثناء¡ وأعظم إطراء¡ وأضخم مديح¡ فصاحبات المناسبات يتجهن بحفلاتهن إلى آفاق عليا من البذخ والإسراف¡ سواء في الطعام أو المتطلبات الأخرى¡ وتصل حالة الابتكار والإعداد لتلك المناسبات حالات من التكلف والتكليف والكلفة لا يعلم بها إلا الله.
الكثير يخشى "شرهة" ولوم وعتب الناس مقابل عدم خشيته من ذنب الإسراف والتبذير والتكلف¡ لذا فهو يصنع من نفسه بطلا في الكرم فيقتله زعمه¡ ويسقطه ظنه في واقع الأمر.. فالناس ستغسل يديها¡ ويداه تعلق بالتكاليف والديون ورقبته تتعلق بالوزر والخطيئة.
لدى الكثير عُقد في تطبيق واتباع عادات المجتمع¡ وتجده ملتزم على غير وجه¡ ويخدع نفسه أنه على الحق¡ وما يقوم به "علوم رجال" مقابل مخافة الله عز وجل فيما ينفق ويتكلف.
ولدى الكثير عشوائية مقيتة في حجم وأعداد الدعوات المقررة لمناسباتهم¡ حيث تجده يتوسع توسعا رهيبا¡ ويبالغ مجاملة في دعوة القاصي والداني ظنا منه أن الواجب يحتم عليه ذلك¡ مما يجعله يصرف ويبذخ الكثير.. وكلنا يدرك أن هناك كثيراً من المدعويين يأتون لمقر المناسبة "يسلمون ويرون وجوههم ويهربون.. كما تجد الكثير¡ وقد سمعت ورأيت يتذمر ويضجر من تلبية بعض الدعوات ويجعلها أحد همومه ومثقلاته.
ويبقى القول: ما يجنيه أولئك هو هدر مالي وشقاء نفسي لا يرضي الله.. وقيود العادات يجب ألا تتجاوز ما أمر به الدين ونهى عنه.. كما على صاحب المناسبة أن يحسب أمره جيدا¡ ويكون رشيدا في الدعوات ويقصرها على خاصته بدلا من فتح الأمر بتوسع مزعج للضيف والمضيف¡ ولا ينظر للوم أو"شرهة"¡ ولا يبالي إلا بما يرضي الله لا ما يرضي الناس¡ حتى وإن سخطوا¡ وعلينا أن نأخذ بقوة بثقافة الاعتذار عند عدم تلبية الدعوات في وقت مبكر¡ ولا نجامل ونعين على إسراف حاصل أو فائض باقٍ.




http://www.alriyadh.com/1767705]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]