أكثر ما يصدم الباهت حين يرى الحقيقة تكذّب ما يقول¡ وتفضح ما يفتري¡ حيث تبقى صورة الحجاج بالغة التأثير وهم يؤدون نسكهم بأمن وطمأنينة¡ وعظيمة الأثر وهم يرون المملكة في مهمة "شرف الدهر" الذي تفتخر به¡ وتحافظ عليه¡ وتحتسب الأجر والمثوبة من الله فيه..
البهتان في أبسط مفاهيمه هو الكذب والافتراء على الآخر¡ وفي أقرب صوره هو الحقد الذي يتناسل تحت ركام الكراهية العالقة في القلب¡ وفي أسوأ مظاهره حين تتحول أقواله إلى تضليل¡ وشهادته إلى زور¡ ومشروعه إلى أحلام¡ حيث يبقى البهتان مع كل هذه التفاصيل أبشع ما يرتكبه الإنسان في حياتهº لأنه باختصار ينتصر لنفسه!.
الباهت يتحيّن الفرص دائماً لتلوين الحقائق¡ والالتفاف على الوقائع والأحداث¡ وتأزيم المواقف والتوجهاتº بهدف تمرير أجندات مسمومة تحمل معها مشروعاً لا يقل خطراً عن من يحمل السلاح¡ أو يتجاوز الحدود¡ أو يهدد وحدة المجتمع وتماسكه¡ ويزيد على ذلك حين يتخذ من الإعلام منبراً للافتراء والكذب والتزوير¡ وإيقاظ الفتنة وتغذية الصراع وتوزيع الاتهامات¡ والأخطر حين تجد من يسوّق لها¡ أو يوزعها على منصات الفضاء المتعددةº لتكون في محصلته انتصار مؤقت إلى أن يحين موعد الحقيقة التي تمسح كل تلك الافتراءات.
مناقشة الباهت أو تضخيم دوره أو الخوف والقلق من سلوكهº هو بداية الضعف والانكسار ثم الهزيمة أمامه¡ حيث تُفصح الوقائع أن الكاذب المفتري لا يمكن أن يتراجع بسهولة¡ أو يندم على ما فات¡ أو يبادلك حسن النيات مجدداًº فكل ما في داخله نفس مريضة تؤمن أنك عدو له¡ وسبب لنكباته¡ وتعريته¡ وإفشال مخططه¡ وهنا تتضخم الذات التي لا ترى غير طريق واحد تسلكه نحو الانتقام.
البهتان الإعلامي أخطر وأشد وقعاً وتأثيراً من البهتان السياسي الذي تكون فيه المصالح مبرراً للتغاضي ولو مؤقتاً على ما كان¡ بينما الإعلام الذي توثّقه العدسات وتتناقله الحسابات والمواقع والتطبيقاتº يبقى شاهداً فترة أطول على ما في النفس من أمراض¡ ويمكن استدعاؤه بين حين وآخر للتذكير بما كان¡ وهنا يكون التوظيف الإعلامي للماضي عنواناً لمرحلة جديدة من الصراع الذي لا ينتهي.
قناة الجزيرة التي تمارس بهتاناً فاضحاً في موسم كل حج¡ وتكذب وتفتري على الواقع¡ وتنسج من الخيال قصصاً بحثاً عن إساءة¡ أو تلوين حقيقةº هي ذاتها القناة التي تحمل مشروعاً معادياً للمملكة¡ حيث لم يكن الحج عندها سوى حدث تستغله من دون أن ترى فيه مناسبة دينية له قدسيته¡ وروحانيته¡ وناسه الذي يلبون نداء الله من كل فج عميق¡ وبالتالي هي أخطر من البهتان السياسي الذي تمارسه قطر على مواطنيها بمحاولة تسييس الحج¡ ومنع حجاجها من أداء الفريضة¡ وحجب الرابط الإلكتروني للتقديم¡ رغم أنهما يلتقيان معاً في مشروع واحد هو الإساءة إلى المملكة¡ ومحاولة النيل من مكانتها الدينية في قلوب المسلمين.
حسابات ومواقع تركية بل إعلام تركي رسمي هو الآخر يمارس ذات الدور من البهتان المفترى¡ ومحاولة إعادة أحداث سابقة للحج إلى الواجهة¡ ويكفي أن تقريراً نُشر يوم السبت الماضي في وكالة الأناضول الرسمية عن لقاء وزير الحج د. محمد صالح بنتن مع رئيس منظمة الحج الإيرانية علي رضا رشيديان متضمناً خلفية موسعة عن "أحداث منى" و"سقوط رافعة الحرم" 2015¡ وفيهما من التضليل والافتراء ما يعبران عن محاولة تشويه صورة المملكة¡ والتقليل من جهودها¡ بل تأكيد الوكالة التركية على مطالبة الإيرانيين للمملكة بإجراء تعويض لحجاجها¡ رغم أن هناك حقائق قاطعة تثبت الحقائق التي يعرفها الإيرانيون قبل غيرهم.
أكثر ما يصدم الباهت حين يرى الحقيقة تكذّب ما يقول¡ وتفضح ما يفتري أمامه¡ حيث تبقى صورة الحجاج بالغة التأثير وهم يتوافدون إلى المملكة لأداء نسكهم بأمن وطمأنينه¡ وعظيمة الأثر وهم يرون عناية الله ترعاهم ثم عناية دولة لا يوجد لديها شرف تدعيه عن غيرها إلاّ خدمة الحاج والمعتمر والزائر¡ وذلك من الملك وولي العهد إلى أصغر مواطن¡ وهو "شرف الدهر" الذي نفتخر به¡ ونحافظ عليه¡ ونحتسب الأجر والمثوبة من الله فيه¡ ونعمل ليل نهار¡ وطوال العام¡ وفي كل يوم لننال فيه رضا الله ثم رضا الحاج وفق منظومة من الخدمات المقدمة¡ ومتابعة ورعاية واهتمام من القيادة الرشيدة¡ وكافة مؤسسات الدولةº لتكون الحقيقة التي تكون فيها المشاعر المقدسة شاهدة على حقيقة ما يُقدم من المملكة للحجاج¡ وفاضحة للبهتان الإعلامي والسياسي المضاد.




http://www.alriyadh.com/1770101]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]