في هذا الزمنº الحكمة تكاد تكون مجهولة أو شبه معدومة¡ إذ نجد الكثير من الناس لا يحتكمون إلى العقل¡ وإنما أهواؤهم تقودهم¡ وكأن لا عقول لهم¡ لقد امتاز الإنسان بالعقل ولابد لهذا العقل من حصانة وحماية من الأمراض والأوهام كي يستطيع الإبحار إلى عالم الأفكار.
وهنا نتساءل عن السبب الحقيقي وراء اتباع الأهواء¡ ومن ثم الرضوخ للقرارات السيئة وغير المدروسة¡ وهل هي ناتج عن القصور العقلي¿ أم أمر يستدعي وجوب امتلاك الشيء المراد الحصول عليه.
ارتباط الشيء بالشيء يعطي لنا مفاتيح ومخارج للحلول الصعبة والمعقدة¡ فالمرء له مسافات في التفكير ويستطيع بخياله السفر في عدة أقطار من كوننا الفسيح¡ والعجب كل العجب حين الوقوع بمشكلة اجتماعية نستصعبها ونحتار كيفية حلها وإنهائها بالطرق السهلة.
التنظير شيء والتطبيق شيء آخر فالعبقرية تتجلى في التطبيق وثبات الأمور الجيدة والصالحة لخير الناس. فالكثير منا يملك الحِكم والعبر والمواعظ¡ ولكن حين الوقوع بمصيبة يعجز عن حلها¡ وبل يهرب منها والهروب هو الفشل بذاته. بينما البعض يكاد لا يجيد القراءة ويفتقر للمعلومات الثقافية¡ بينما حدوث حادث أو مشكلة نجده تلقائياً تمكن من حلها نهائياً¡ وهذه هي الفراسة التي ننشدها ونحاول التمكن منها وهنا نستطيع القول: إن هذا الشخص يستخدم عقله في حالة الأزمات ويجد نفسه غير محتاج لقراءة الكتب بشكل عام.
وفي الجانب المقابل من بعض القراء لا يقرأ إلا كتب تطوير الذات ويتعمق فيها لدرجة يحفظ جميع حلولها وإذا واجهته أول مشكلة نراه عديم الخبرة والتجربة فبدل المعالجة والحلول يزيد المشكلة تعقيداً مما ينتج عن عدم الإصلاح نهائياً.
وفي هذا الجانب قد غاب العقل وبدأت أمور التلقين والحفظ سيدة الموقف¡ ولها أسباب¡ منها القراءة من غير فهم وهذه أساس المشكلة¡ وثانيها غياب الفراسة فلو كانت الفراسة حاضرة لتمكن من فهم ما حفظه مسبقاً ولأدرك ما حفظه بالوقت المناسب¡ وأيقن الحكمة من النظرية التي أطلع عليها.
الاستنتاج من هذا الموضوع أن القارئ حين يقرأ لابد من وجود إدراك حاضر وفهم وهذه الأمور سوف تفيده إذا كان لديه وعي وإحساس وتمكين لحل جميع الأمور¡ وليس قولي هذا ينطبق على الجميع¡ وإنما لكل إنسان فراسته الخاصة في الشيء الذي يقدر عليه¡ فالطبيب للطب والمعلم للتعليم والنجار لنجارة الخشبº فهذه المهن وغيرها تحتاج للتطبع مع الروح والامتزاج مع العقل بعد فهمها جيداً.
ومن هنا ننصح بألا تتبع هواك لمجرد أنك حكمت على ان هذه المهنة مناسبة لمجرد مظهرها أو أن دخلها الشهري يدر الأموال الكثيرة. فالإخلاص في المهنة لا بد أن يسبقه محبة وتلاؤم وإحساس وصدق ليسهل الفهم من جميع جوانبه وحل أعمق المشكلات تعقيداً.




http://www.alriyadh.com/1770831]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]