في نموذج الصدمة الذي عرضته في المقالة السابقة¡ نجد أن إدارة التغيير تفترض مشاركة سلبية في صناعة التغيير¡ حيث إن مستقبلي التغيير يقعون خارج نطاق اتخاذ القرار. وقد يصدق هذا النموذج على حالات يصعب فيها إشراك أعداد كبيرة من أصحاب المصلحة. في نموذج آخر¡ نجد أن إشراك الآخرين في التغيير يأتي من الخطوات الأولى.
يصف جون كوتر في كتابه الشهير قيادة التغيير ثماني خطوات لإحداث تغيير فعال في المؤسسة. مقارنة بنموذج الصدمة¡ سنجد إن خطوات كوتر تصف وسيلة لإحداث التغيير¡ لا تهيئة أصحاب المصلحة للتغيير فقط. في الخطوة الأولى يرى كوتر أن على من يعتزم أن يقود تغييراً أن يثير أزمة أو يحذر من أزمة تكاد تقع¡ حتى يشعل في النفوس أهمية التغيير وضرورته مع ترسيخ اليقين أن التغيير أمر لا مناص منه. مع وجود الحاجة إلى التغيير جلية¡ على قائد التغيير أن يكون حلفاء يشاركونه الشعور بأهمية التغيير ولديهم الرغبة في تنفيذ ما يتطلبه التغيير منهم من جهد أو تضحية. عند تكوين تحالف مع عدد من ذوي التأثير¡ على قائد التغيير أن يحدد هدفاً ومبادرات لتحقيق التغيير الذي من أجله اجتمع المتحالفون. بمجرد ما يتضح الهدف وما يجب تنفيذه¡ على المتحالفين أن يستقطبوا أعضاء آخرين يؤمنون بالهدف ولديهم قدرة على تنفيذ المبادرات. من سمات الأعضاء الجدد الذين ينضمون تحت لواء الهدف أنهم على قناعة ذاتية بمهمتهم¡ فهم مقتنعون بضرورة التغيير وبمن يقوده وبما سيؤول إليه التغيير.
بعد تكون فريق التغيير الملائم لتنفيذ المبادرات التي تحقق الهدف على القائد أن يمكن أعضاء فريقه بأدوات التنفيذ المناسبة مع تحسين طرق العمل وأساليبه بما يشمل إعادة الهيكلة وفتح قنوات تواصل جديدة. تكون فريق جديد يعمل بأساليب قديمة سيؤدي إلى الوقوع في المشكلات التي أدت إلى الحاجة إلى التغيير منذ البداية. بعد ذلك¡ على قائد التغيير أن يختار لفريقه محطات إنجاز قريبة¡ أو ما هو معروف بالمكتسبات السريعة¡ من أجل تغذية روح التغيير في الفريق مع ترسيخ الإيمان بأن تحقيق الهدف ممكن. بمجرد ما ينجح الفريق في تحقيق نجاحاته الأولى فإن على قائد التغيير أن يمد الفريق بمستهدفات جديدة كسابقاتها¡ مستهدفات تحقق في مدة وجيزة وتغذي روح التغيير¡ مع تراكم الإنجازات تتسع قاعدة التغيير وتتسارع عجلته حتى يصبح التغيير عملاً مؤسسياً.
بالمقارنة بين نموذج الصدمة ونموذج كوتر يتضح لنا أن كوتر يرى التغيير عملاً مؤسسياً تشاركياً¡ أما نموذج الصدمة فيرى أن التغيير يتطلب معالجة نفسية لتقبله ولا يستدعي عملاً مشتركاً لتنفيذه. كما إن نموذج كوتر يرى أن التغيير ينمو بمبادرة مجموعة قيادية صغيرة تتسع دائرة تأثيرها شيئاً فشيئاً مع توالي النجاحات¡ أما نموذج الصدمة فيتجاهل صناعة التغيير بالكلية.




http://www.alriyadh.com/1770995]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]