«أي مكتبة هي نوع من المغارة السحرية الممتلئة بالموتى.. ويمكن لهؤلاء الموتى أن ينتفضوا أحياء عندما نفتح صفحات كتبهم»
( أميرسون)

العمل الإبداعي لا يتأتى طواعية¡ بل هو يباغت متسللاً إلى الذات المجاورة¡ أو المهادنة له¡ والتي كانت تعمل على التمهيد في سبيل ملاقاته بما كان من تحصيل تراكمي للمعارف التي تدور في محيط ملون بالإبداعات المتناسلة والمتوفرة من حصيلة الماضي/الحاضر¡ ويتمثل ذلك في الروايات والقصص والأعمال السردية¡ وفي ثلاثية (بياض الثلج) للكاتبة الفنلندية سالا سيموكا ما يرسم ذلك بدقة على ثلاث لوحات أولاها حمراء كالدم¡ والثانية بيضاء كما الثلج¡ لتكون الثالثة سوداء كالآبنوس¡ وفي التتبع النظري للحروف التي تجسد الأحداث تترابط اللوحات المتفاوتة الأحداث بخيط يشدها لكي تأبى إحداها الفصل أو الانفصال عن الأخرى¡ إذ لو حدثت محاولة لممارسة ذلك من قبل المتلقي لتلاشت الألوان بأحداثها بقوة سحرية تمكنت من تركيبها ومزجها الكاتبة بقدرة عجيبة لا يتمكن منها إلا هي لكون الفوارق الفردية في التحصيل الإبداعي يكمن سرها في صفة التفرد¡ وإلا لكان الإبداع قد انحصر في عمل واحد قابل للتداول على مر الزمن¡ وصارت رواية «دونكشوت» لسرفانتس وحيدة في عالم الرواية يكررها كل من أراد كتابة رواية. إن حتمية التغير والتبدل هي من مقومات الحياة بأشكالها¡ فما بالك بالمنتج الإبداعي المستمد من الجذور والمضيف بكثافة على الآني والحاث على الركض لملاقاة القادم.
في اللوحة - الجزء الثاني - من ثلاثية بياض الثلج تنقل الكاتبة شخصيتها الرئيسة من بيئتها الفنلندية التي تفاعلت معها بمجريات الأحداث الجميلة والسيئة التي تقلبت فيها إلى بيئة أخرى تفرض أحداثاً مختلفة بالنتائج المكتسبة التي تتحصل عليها الشخصية في سفرها إلى براغ في التشيك¡ وتصادف «لوميكي» وهي تتنقل من مدينة إلى أخرى ومن معلم لآخر فتاة اسمها لينكا تتعرف عليها فتلاحقها مدعية أنها أختها¡ وتختلق لها لينكا حادثة أن والدها قد زار براغ قبل زمن¡ وتزوج بأمها التي فارقت الحياة¡ وقد كان ومازال يعتني بها ولكن بشكل سري¡ ولا تترك لها فرصة سؤال الأب¡ ولكن تكتشف أنها كانت تلاحقها بتكليف للتجسس عليها من قبل سلطة ما¡ حيث صارحتها المدعية بعد أن عزمت على العودة إلى فلندا.
صور شادة ومثيرة فيها ورود وأشواك ولكن جمالية السرد تجعل الورود في درب المتلقي تصافح عينه وتخلب فؤاده إذا ما كان عاشقاً لمتعة تلقي السرد المبدع¡ الذي نقل من اللغة الأصلية بواسطة المترجم أوين .ف. وايتسمان إلى الإنجليزية¡ ومنها إلى العربية بترجمة زينة إدريس - للدار العربية للعلوم «ناشرون».
لمحــــة:
لؤلؤة في عمق البحر
جدّ الغواصون لرؤيتها
بصراع أبدي محموم
الكل يريد الحظ الأول
وشراك كثر منصوبة
في عمق العمق
من أيد ونفوس تواقة

لؤلؤتي تمشي فوق الأرض
تعشق تهوى الإنسان
وتمارس كل شقاوتها
في رسم الحرف وبالألوان




http://www.alriyadh.com/1775266]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]