مررت بجانب أحد المطاعم السريعة وفوجئت بابني الذي لم يتجاوز الرابعة يتقافز في كرسيه وهو يصيح باسم المكان فرحاً وحماسة¡ ويذكر اسم وجبة أطفال شهيرة لديهم.
لماذا تفاجأت¿ لأني لم آخذه قط لهذا المكان¡ ولم أعوّده على الطعام السريع¡ ولما استمعتُ للمزيد من مفرداته وجدت من ضمنها أسماء مطاعم أخرى¡ وعلمتُ أن أكبر مصدر لهذه المعلومات الجديدة برنامج أطفال شهير على يوتيوب لطفل اسمه رايان¡ وهذه الموجة عارمة الآن - أي أطفال يصورهم أهلهم في المنزل وهم يلعبون ويتكلمون للكاميرا ويجربون ألعابهم الجديدة - ولها مئات الملايين من المشاهدات¡ والذي يحصل أن البداية البريئة تتحول إلى مادية لا سيما أن أميركا تعبد المال¡ فتأتي الشركات وتعلن عبر هذه البرامج¡ ولا بأس من دعايات ألعاب أطفال مثلاً أو ملابس أطفال وما شابه طالما كان واضحاً أنها دعاية¡ لكن طريقة الدعايات الدنيئة للمطاعم السريعة - خاصة هذا المطعم الأشهر عالمياً - هو غرسها خفية بحيث يبدو أن الطفل هو الذي اختار أن يأكل الوجبة أمام الكاميرا ويتلذذ بها ويُبرِز شعار مطعمها ويردد الاسم مراراً.
كتاب «أمة الطعام السريع» حقق في هذا المطعم بالذات¡ ووجد أنه يستهدف الأطفال بشدة¡ وله سياسات وميزانيات مخصصة لذلك¡ ليزرعوا الولاء في نفوسهم منذ الصغر حتى يستمروا مدى الحياة يأكلون الأكل المرتبط بأمراض القلب والسرطان والسكري والاكتئاب.
الإعلان غير المباشر بهذه الطريقة شديد الانتشار ويسمى product placement¡ وتجد له أمثلة كثيرة في الأفلام والمسلسلات¡ فترى إبراز شعار سيارة البطل والمشروب الغازي في يده والماركة الفلانية لملابسه وهلم جرا¡ أحياناً غير بارزة وأحياناً واضحة يلطمون بها وجهك¡ وقد وجد العلماء لما درسوا تأثير هذه الدعايات أنها فائقة القوة في حثك على الشراء خاصة إذا كانت غير بارزة¡ فعقلك الواعي يدرك الإعلان الصفيق فيتحاشى تلك المنتجات¡ ولكن الإعلانات الخفية التي لا تنتبه لها تقفز مباشرة إلى عقلك اللاواعي¡ والذي يحثك أن تقف بسيارتك عند محل الآيسكريم الفلاني أو المطعم العلاني وأنت بكل براءة تظن أنه اختيارك¡ بينما هو تلاعُبهم بعقلك لصالحهم.




http://www.alriyadh.com/1775338]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]