من المبادئ المستديمة المشار إليها من قبل العالم البيئي «ديفيد هولمجرين David Holmgren» في كتابه « الزراعة المعمرة: مبادئ ومسارات تتجاوز الاستدامة Permaculture: Principles and Pathways Beyond Sustainability»المبدأ الذي يقول: «استخدام مع تقديرٍ لقيمة الموارد والخدمات القابلة للتجدد¡ ولا تنتج نفايات».
والمقصود هنا التركيز على اعتماد مبدأ القدرة على التجدد انطلاقاً من البيئة حولنا وانتهاء بذواتنا. حيث القابل للتجدد هو الذي يقوم بتجديد ذاته بعد كل عملية استهلاك إما -وكما في موارد الطبيعة- من خلال التكاثر الطبيعي أو غيرها من العمليات المتكررة في فترة زمنية محدودة في نطاق زمني بشري¡ أما إذا لجأنا لتطبيق ذلك على البشر¡ وذلك مع الموارد التي يختزنها كل منا سواء تلك الجسدية أو النفسية أو الروحية نجد أنه من الحيوي الحرص على عدم استهلاك الفرد لموارده من المشاعر والفضاءات الروحية¡ وبالأخص عدم التورط في عمليات نزحٍ لا عادلٍ واستنزافٍ سيقود لا محالة للتدمير الذاتي أو تفعيل إرادة الموت والإبادة الكمينة فيناً¡ أو كما يسميها عالم النفس «سيجسموند فرويد Freud» «غرائز الموت/ ثاناتوس Thanatos» والتي تم وصفها مبدئيًا في مبدأ ما وراء المتعة¡ حيث اقترح فرويد أن «هدف الحياة كلها هو الموت». ومن هذا¡ خلص إلى أن البشر بلا استثناء يولدون ولديهم رغبة غير واعية بالموت¡ ولكن الحياة الغرائز تخفف إلى حد كبير هذه الرغبة¡ أو بالأحرى تُلهي عنها. وهنا نجد أن الحرص على إعادة تجديد الذات هو ما يحول بيننا والتفعيل اللا واعي لتلك الغريزة. ولقد وصف العلماء المعنيون بالروحانيات الصمتَ والعزلةَ للتأمل في الذات كوسيلة أساسية في خلق فضاء أو مساحة للتنفس تسمح بتجدد مواردنا النفسية وقدرتنا مثلاً على فهم الشفرات الغامضة لمشاعرنا وكيفية التعامل مع خيولها الجامحة ربما نحو هاوية هنا أو هناك¡ الصمت للإنصات للذات هو أشبه برحلة تأخذ لبعيد¡ لفضاء يتجدد أو يتوسع في أكسجينه نطاق التحمل والمرونة اللازمين للتفاعل الإيجابي وتجديد غريزة الحياة¡ أو بمعنى آخر تحفيز القدرة على البناء عقب كل هدم أو الشحن عقب كل استنزاف¡ هذه القدرة المعتمدة بشكل أساسي على تجديد المرونة المنتجة للحماسة لإعادة وإعادة تصميم مخطط الحياة التي نتخيلها لأنفسنا¡ أي أن سر البقاء يكمن في تبني الفرد لمخططٍ مرن وقابل للهدم والبناء من جديد¡ فلا ينحبس واحدنا في مخطط جامد ومتزمت يقود للدمار بتقوضه. إذ لا يعترف علماء الروحانيات بما يسمى «الفشل»¡ لأن كل تقوض ما هو إلا درب لإعادة البناء بلا نهاية في سبيل تكميل الرؤيا التي أودعها المطلق فينا.
نعم الإنسان في قدرته اللا نهائية على التجدد يُعَدُّ معجزة تفوق معجزة طائر الفينيق في انبثاقه من الرماد.




http://www.alriyadh.com/1775845]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]